قوله عز وجل:
فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا
قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
وزيد بن حبيش ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
والجحدري ، وجماعة: "فناداها من تحتها" على أن "من" فاعل بـ "ينادي"، والمراد بـ "من"
عيسى ، أي: ناداها المولود، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: المراد
جبريل عليه السلام ، ولم يتكلم حتى أتت به قومها، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : ففي هذا آية لها وأمارة أن هذا من الأمور الخارقة للعادة التي لله فيها مراد عظيم، لا سيما والمنادي
عيسى ، فإنه يبين به عذر
مريم ، ولا تبقى بها استرابة، فلذلك كان النداء ألا يقع حزن.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16724وعمرو بن ميمون ، وأهل
المدينة ، وأهل
الكوفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس [ ص: 22 ] رضي الله عنهما - أيضا،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : "من تحتها" بكسر الميم على أنها لابتداء الغاية، واختلفوا - فقال بعضهم: المراد
عيسى عليه السلام ، وقالت فرقة: المراد
جبريل المجاور لها قبل، قالوا: وكان في سعة من الأرض أخفض من البقعة التي كانت هي عليها.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
والأول وأظهر، وعليه كان
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن يقسم.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15916وزر بن حبيش : "فخاطبها من تحتها"، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما "فناداها ملك من تحتها".
وقوله،
ألا تحزني تفسير النداء، فـ "أن" مفسرة بمعنى: أي، و "السري" من الرجال، العظيم الخصال السيد، و "السري" أيضا: الجدول من الماء، وبحسب هذا اختلف الناس في هذه الآية - فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد : أراد: جعل تحتك عظيما من الرجال له شأن، وقال الجمهور: أشار لها إلى الجدول الذي كان قرب جذع النخلة، وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن فسر الآية فقال: أجل، لقد جعله الله سريا كريما، فقال
حميد بن عبد الرحمن الحميري : يا
nindex.php?page=showalam&ids=14102أبا سعيد ، إنما نعني بالسري الجدول، فقال: لهذه وأشباهها أحب قربك، ولكن غلبتنا عليك الأمراء.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
ومن الشاهد في السري قول
لبيد :
فتوسطا عرض السري وصدعا مسجورة متجاورا قلامها
ثم أمر بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى في إحياء موات الجذع، فقالت فرقة:
[ ص: 23 ] كانت النخلة مطعمة رطبا، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : كان الجذع مقطوعا، وأجرى النهر تحتها لحينه.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
والظاهر من الآية أن
عيسى هو المكلم لها، وأن الجذع كان يابسا، وعلى هذا تكون آيات تسليها وتسكن إليها، والباء في قوله: "بجذع" زائدة مؤكدة، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي : كما يقال: ألقى بيده، أي: ألقى يده.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
وفي هذا المثال نظر، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري رحمه الله:
بواد يمان ينبت السدر صدره وأسفله بالمزج والشبهان
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وأبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ، والجمهور من الناس: "تساقط" بفتح التاء وشد السين، يريد النخلة، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب رضي الله عنه،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش رحمه الله: "يساقط" يريد الجذع، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة وحده: "تساقط" بفتح التاء وتخفيف السين، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=17340ويحيى بن وثاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة بن مصرف ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبي عمرو بخلاف- وقرأت فرقة: "يساقط" بالياء على ما تقدم من إرادة النخلة أو الجذع. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم - في رواية
حفص -: "تساقط" بضم التاء وفتح السين وتخفيفها، وقرأ
أبو حيوة : "يسقط" بضم بالياء، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي في الحجة أنه قرئ: "يتساقط" بياء وتاء، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق : "تسقط" بضم التاء وكسر القاف، وكذلك عن
أبي حيوة ، وقرأ
أبو حيوة أيضا: "يسقط" بفتح الياء وضم القاف، "رطب جني". ونصب "رطبا" يختلف بحسب معاني القراءات المذكورة، فمرة يسند الفعل إلى الجذع، ومرة إلى الهز، ومرة إلى النخلة، و "جنيا" معناه: قد طاب وصلح للاجتناء، وهو من جنيت الثمرة، وقرأ
طلحة بن سليمان : "جنيا" بكسر الجيم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16724عمرو بن ميمون : ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب : "رطبا" عجوة.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
واستدل بعض الناس من هذه الآية على أن
الرزق وإن كان محتوما فإن الله تعالى قد وكل ابن آدم إلى سعي ما فيه; لأنه أمرت
مريم بهز الجذع لترى آية، وكانت الآية تكون بألا تهز.
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد أنه قال لها
عيسى : "لا تحزني"، فقالت: وكيف لا أحزن وأنت معي، لا ذات زوج "فأقول من زوج، ولا مملوكة فأقول من سيدي، أي شيء عذري عند الناس؟
يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ، فقال لها
عيسى : "أنا أكفيك الكلام" .
قوله تعالى:
فكلي واشربي وقري عينا الآية. قرأ الجمهور: "وقري" بفتح القاف، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري قراءة "وقري" بكسر القاف، وقرة العين مأخوذة من القر، وذلك أنه يحكى أن دمع الفرح بارد ودمع الحزن سخن، وضعفت فرقة هذا وقالت: الدمع كله سخن، وإنما معنى قرة العين أن البكاء الذي يسخن العين ارتفع، أي: لا حزن من الأمر الذي قرت به العين، وقال
الشيباني : "وقري عينا" معناه: نامي، حضها على الأكل والشرب والنوم، وقوله: "عينا" نصب على التمييز، والفعل في الحقيقة إنما هو للعين، فينقل ذلك إلى ذي العين، وينصب الذي كان فاعلا في الحقيقة على التفسير، ومثله: طبت نفسا، وتفقأت شحما، وتصببت عرقا، وهذا كثير.
[ ص: 25 ] وقرأ الجمهور : "ترين"، وأصله: "ترأيين" حذفت النون للجزم، ثم نقلت حركة الهمزة إلى الراء، ثم قلبت الياء الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فاجتمع ساكنان، الألف [المنقلبة عن الياء]، والياء، فحذفت الألف فصار "ترى"، وعلى هذا النحو قول الأفوه:
إما ترى رأسي أزرى به البيت ..............
ثم دخلت النون الثقيلة، وكسرت الياء لاجتماع ساكنين منها ومن النون، وإنما دخلت النون هنا توطئة، كما توطئ لدخولها أيضا لام القسم. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو - فيما روي عنه -: "ترئن" بالهمزة. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة، nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر ،
وشيبة : "ترين" بسكون الياء وفتح النون خفيفة، قال
أبو الفتح : "وهي شاذة".
ومعنى هذه الآية أن الله تعالى أمرها - على لسان
جبريل أو ابنها عليهما السلام،
[ ص: 26 ] على الخلاف المتقدم - بأن تمسك عن مخاطبة البشر، وتحيل على ابنها في ذلك، ليرتفع عنها خجلها، وتبين الآية فيقوم عذرها، وظاهر الآية أنها أبيح لها أن تقول هذه الكلمات التي في الآية، وهو قول الجمهور، وقالت فرقة: معنى "فقولي" بالإشارة لا بالكلام، وإلا فكأن التناقض بين في أمرها.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك : "إني نذرت للرحمن وصمت". وقال قوم: معناه: صوما عن الكلام; إذ أصل الصوم الإمساك، ومنه قول الشاعر:
خيل صيام ....... ......................
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : كانت سنة الصيام عندهم الإمساك عن الأكل والكلام، وقرأت فرقة، "إني نذرت للرحمن صمتا".
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
ولا يجوز في شرعنا أن ينذر أحد صوما، ولقد أمر
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود من فعل ذلك بالنطق والكلام، وقال فرقة: أمرت
مريم بهذا ليكفيها
عيسى الاحتجاج.