قوله عز وجل:
ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون
قوله تعالى:
ولا يزالون ابتداء خبر من الله -عز وجل- وتحذير منه للمؤمنين من شر الكفرة، و"يردوكم" نصب بـ "حتى" لأنها غاية مجردة.
[ ص: 524 ] وقوله تعالى
ومن يرتدد ، أي يرجع عن الإسلام إلى الكفر. قالت طائفة من العلماء:
يستتاب المرتد فإن تاب وإلا قتل. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاووس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : على خلاف عنه،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي -في أحد قوليه-: يقتل دون أن يستتاب. وروي نحو هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل .
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومقتضى قولهما إنه يقال له للحين: راجع، فإن أبى ذلك قتل. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح : إن كان المرتد ابن مسلمين قتل دون استتابة، وإن كان أسلم ثم ارتد استتيب، وذلك لأنه يجهل من فضل الإسلام ما لا يجهل ابن المسلمين.
واختلف القائلون بالاستتابة; فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : رضي الله عنه يستتاب ثلاثة أيام، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ،
وإسحاق ، وأصحاب الرأي،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي -في أحد قوليه-. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : يدعى إلى الإسلام فإن تاب وإلا قتل. وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه استتاب مرتدا شهرا، فأبى قتله. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : يستتاب محبوسا أبدا. قال
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : واختلفت الآثار عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في هذا الباب.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
كان رضي الله عنه ينفذ بحسب جرم ذلك
المرتد، أو قلة جرمه، المقترن بالردة.
وحبط العمل إذا انفسد في آخر فبطل.
[ ص: 525 ] وقرأ
أبو السمال : "حبطت" بفتح الباء في جميع القرآن. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
والحكم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه :
ميراث المرتد لورثته من المسلمين. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
وربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : ميراثه في بيت المال، وأجمع الناس على أن ورثته من أهل الكفر لا يرثونه إلا شذوذا، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز خلافه.
وقوله تعالى:
إن الذين آمنوا والذين هاجروا الآية. قال
جندب بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير ، وغيرهما:
لما قتل واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي في الشهر الحرام توقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أخذ خمسه الذي وفق في فرضه له عبد الله بن جحش ، وفي الأسيرين ، فعنف المسلمون
عبد الله بن جحش ، وأصحابه، حتى شق ذلك عليهم، فتلافاهم الله عز وجل بهذه الآية في الشهر الحرام، ثم بذكرهم والإشارة إليهم في قوله:
إن الذين آمنوا ثم هي باقية في كل من فعل ما ذكر الله عز وجل .
وهاجر الرجل إذا انتقل نقلة إقامة من موضع، إلى موضع وقصد ترك الأول إيثارا للثاني وهي: مفاعلة من هجر،. ومن قال: المهاجرة الانتقال من البادية إلى الحاضرة فقد أوهم بسبب أن ذلك كان الأغلب في
العرب ، وليس أهل
مكة مهاجرين على قوله،.
وجاهد: مفاعلة من جهد إذا استخرج الجهد، و"يرجون" معناه: يطمعون ويستقربون، والرجاء تنعم، والرجاء أبدا معه خوف ولا بد. كما أن الخوف معه
[ ص: 526 ] رجاء، وقد يتجوز أحيانا ويجيء الرجاء بمعنى ما يقارنه من الخوف، كما قال
الهذلي :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وحالفها في بيت نوب عوامل
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : إذا اقترن حرف النفي بالرجاء، كان بمعنى الخوف كهذا البيت، وكقوله عز وجل: ( لا يرجون لقاءنا ) المعنى: لا يخافون، وقد قيل: إن الرجاء في الآية على بابه، أي لا يرجون الثواب في لقائنا، وبإزاء ذلك خوف العقاب. وقال قوم: اللفظة من الأضداد دون تجوز في إحدى الجهتين، وليس هذا بجيد وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ في كتاب "البلدان": إن معنى قوله: " لم يرج لسعها " أي لم يرج برء لسعها وزواله، فهو يصبر عليه. وباقي الآية وعد.
وقوله تعالى:
يسألونك عن الخمر والميسر الآية. السائلون: هم المؤمنون، و"الخمر" مأخوذة من خمر إذا ستر، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=708661خمروا الإناء ومنه: خمار المرأة، والخمر: ما واراك من شجر وغيره، ومنه قول الشاعر:
[ ص: 527 ] ألا يا زيد والضحاك سيرا فقد جاوزتما خمر الطريق
أي: سيرا مدلين فقد جاوزتما الوهدة التي يستتر بها الذئب وغيره، ومنه قول
العجاج :
في لامع العقبان لا يمشي الخمر ..................
.
يصف جيشا جاء برايات غير مستخف. ومنه قولهم:
دخل فلان في غمار الناس وخمارهم، أي: هو بمكان خاف، فلما كانت الخمر تستر العقل وتغطي عليه سميت بذلك. والخمر ماء العنب الذي غلي ولم
[ ص: 528 ] يطبخ وما خامر العقل من غير ذلك فهو في حكمه.
[ ص: 529 ] وحرمت الخمر
بالمدينة يوم حرمت وهي من العسل، والزبيب، والتمر، والشعير، والقمح، ولم تكن عندهم خمر عنب. وأجمعت الأمة على
خمر العنب -إذا غلت ورمت بالزبد- أنها حرام قليلها وكثيرها، وأن الحد واجب في القليل منها والكثير. وجمهور الأمة على أن
ما أسكر كثيره من غير خمر العنب فمحرم قليله وكثيره، والحد في ذلك واجب، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ،
وابن شبرمة ، وجماعة من فقهاء
الكوفة : "ما أسكر كثيره من غير خمر العنب فما لا يسكر منه حلال، وإذا سكر أحد منه دون أن يتعمد الوصول إلى حد السكر فلا حد عليه" وهذا قول ضعيف يرده النظر.
وأبو بكر الصديق ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر الفاروق ، والصحابة على خلافه.
وروي أن النبي عليه السلام قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=907571كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر في "الإشراف": لم يبق هذا الخبر مقالة لقائل، ولا حجة لمحتج.
وروي أن هذه الآية أول تطرق إلى
تحريم الخمر، ثم بعده:
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى . ثم قوله تعالى:
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ثم قوله:
إنما الخمر والميسر [ ص: 530 ] والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654251حرمت الخمر .
ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في
حد الخمر إلا أنه جلد أربعين . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ،
وأبو داود . وروي عنه صلى الله عليه وسلم
أنه ضرب فيها ضربا مشاعا ، وحزره
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر أربعين سوطا، وعمل بذلك هو ، ثم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، ثم تهافت الناس فيها فشدد عليهم الحد وجعله كأخف الحدود ثمانين ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بالأربعين. وضرب الخمر غير شديد عند جماعة من العلماء لا يبدو إبط الضارب. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : الضرب كله سواء لا يخفف ولا يبرح. ويجتنب من المضروب الوجه والفرج والقلب والدماغ والخواصر بإجماع.
وقالت طائفة: هذه الآية منسوخة بقوله:
فاجتنبوه لعلكم تفلحون ; يريد ما في قوله:
ومنافع للناس من الإباحة والإشارة إلى الترخيص.
و"الميسر" مأخوذ من يسر: إذا جزر، والياسر: الجازر، ومنه قول الشاعر:
فلم يزل بك واشيهم ومكرهم حتى أشاطوا بغيب لحم من يسروا
ومنه قول الآخر:
أقول لهم بالشعب إذ ييسرونني ألم تيأسوا إني ابن فارس زهدم
والجزور الذي يستهم عليه، يسمى ميسرا لأنه موضع اليسر، ثم قيل للسهام ميسر للمجاورة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : الميسر مأخوذ من يسر لي هذا إذا وجب وتسنى، ونسب القول إلى
[ ص: 531 ] nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، ثم جلب من نص كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ما هو خلاف لقوله، بل أراد
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد الجزر.
واليسر: الذي يدخل في الضرب بالقداح، وجمعه أيسار، وقيل: يسر جمع ياسر، كحارس وحرس وأحراس.
وسهام الميسر سبعة لها حظوظ، وفيها فروض على عدة الحظوظ، وثلاثة لا حظوظ لها، ولا فروض فيها،. وهي: الفذ. والتوأم، والرقيب. والحلس. والنافس. والمسبل. والمعلى والثلاثة التي لا حظوظ لها: المنيح. والسفيح. والوغد. تزاد هذه الثلاثة لتكثر السهام وتختلط على الحرضة، وهو الضارب بها فلا يجد إلى الميل مع أحد سبيلا.
وكانت عادة
العرب أن تضرب بهذه القداح في الشتوة وضيق الوقت وكلب البرد على الفقراء تشتري الجزور، ويضمن الأيسار ثمنها ثم تنحر وتقسم على عشرة أقسام، وأخطأ الأصمعي في قسمة الجزور فذكر أنها كانت على قدر حظوظ السهام ثمانية وعشرين قسما، وليس كذلك. ثم يضرب على العشرة الأقسام فمن فاز سهمه بأن يخرج من الربابة متقدما أخذ أنصباءه وأعطاها الفقراء.
وفي أحيان ربما تقامروا لأنفسهم ثم يغرم الثمن من لم يفز سهمه، ويعيش بهذه السيرة فقراء الحي، ومنه قول
الأعشى :
المطعمو الضيف إذا ما شتوا والجاعلو القوت على الياسر
ومنه قول الآخر:
بأيديهم مقرومة ومغالق يعود بأرزاق العفاة منيحها
[ ص: 532 ] والمنيح في هذا البيت المستمنح، لأنهم كانوا يستعيرون السهم الذي قد أملس، وكثر فوزه فذلك المنيح الممدوح.
وأما المنيح الذي هو أحد الثلاثة الأغفال فذلك إنما يوصف بالكر، وإياه أراد
جرير بقوله:
ولقد عطفن على فزارة عطفة كر المنيح وجلن ثم مجالا
ومن الميسر قول
لبيد :
إذا يسروا لم يورث اليسر بينهم فواحش ينعى ذكرها بالمصائف
فهذا كله هو نفع الميسر إلا أنه أكل المال بالباطل ففيه إثم كبير.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ، وغيرهم: كل قمار ميسر من نرد وشطرنج ونحوه، حتى لعب الصبيان بالجوز.
وقوله تعالى:
قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس الآية. قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14355والربيع : الإثم فيهما بعد التحريم، والمنفعة فيهما قبله. وقالت طائفة: الإثم في الخمر: ذهاب العقل والسباب والافتراء والإذاية والتعدي الذي يكون من شاربها. والمنفعة: اللذة بها، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت :
[ ص: 533 ] ونشربها فتتركنا ملوكا وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
إلى غير ذلك من أفراحها. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : "المنفعة بها كسب أثمانها، ثم أعلم الله عز وجل أن الإثم أكبر من النفع وأعود بالضرر في الآخرة، فهذا هو التقدمة للتحريم.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : "كثير" بالثاء المثلثة، وحجتها أن النبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=908190لعن الخمر ولعن معها عشرة: بائعها ومبتاعها والمشتراة له، وعاصرها والمعصورة له وساقيها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها فهذه آثام كثيرة.
وأيضا فجمع المنافع يحسن معه جمع الآثام، و "كثير" بالثاء المثلثة يعطي ذلك.
وقرأ باقي القراء، وجمهور الناس: "كبير" بالباء الموحدة، وحجتها أن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر فوصفه بالكبير أليق.
وأيضا فاتفاقهم على "أكبر" حجة لكبير بالباء بواحدة-، وأجمعوا على رفض أكثر -بالثاء مثلثة- إلا ما في مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، فإن فيه "قل فيهما إثم كثير وإثمهما أكثر" بالثاء مثلثة في الحرفين.
وقوله تعالى:
فيهما إثم ، يحتمل مقصدين: أحدهما أن يراد في استعمالهما بعد النهي، والآخر أن تراد خلال السوء التي فيهما.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : لما نزلت
قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس كرهها قوم للإثم، وشربها قوم للمنافع، فلما نزلت
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى تجنبوها عند أوقات الصلوات، فلما نزلت:
إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان [ ص: 534 ] فاجتنبوه لعلكم تفلحون قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : ضيعة لك اليوم، قرنت بالميسر والأنصاب . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654251حرمت الخمر . ولما سمع
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قوله تعالى:
فهل أنتم منتهون؟ قال: "انتهينا. انتهينا" .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12095الفارسي ، وقال بعض أهل النظر: حرمت الخمر بهذه الآية، لأن الله تعالى قال:
قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم وأخبر في هذه الآية أن فيها إثما، فهي حرام.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
ليس هذا النظر بجيد، لأن الإثم الذي فيها هو الحرام، لا هي بعينها على ما يقتضيه هذا النظر.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : ذم الله الخمر بهذه الآية ولم يحرمها.
وقوله تعالى:
ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو قال
nindex.php?page=showalam&ids=7246قيس بن سعد : هذه الزكاة المفروضة. وقال جمهور العلماء: بل هي نفقات التطوع. وقال بعضهم: نسخت بالزكاة. وقال آخرون: هي محكمة وفي المال حق سوى الزكاة.
و"العفو": هو ما ينفقه المرء دون أن يجهد نفسه وماله، ونحو هذا هي عبارة المفسرين، وهو مأخوذ من عفا الشيء إذا كثر، فالمعنى: أنفقوا ما فضل عن حوائجكم ولم تؤذوا فيه أنفسكم فتكونوا عالة،.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
من كان له فضل فلينفقه على نفسه، ثم على من يعول، فإن فضل شيء فليتصدق به .
[ ص: 535 ] وقال صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=695870خير الصدقة ما أبقت غنى ، وفي حديث آخر:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651337ما كان عن ظهر غنى . وقرأ جمهور الناس: "العفو" بالنصب. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو وحده: "العفو" بالرفع. واختلف عن
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير . وهذا متركب على "ماذا" فمن جعل "ما" ابتداء و "ذا" خبره بمعنى الذي، وقدر الضمير في "ينفقون" عائدا; قرأ "العفو" بالرفع لتصح مناسبة الجمل، ورفعه على الابتداء تقديره: العفو إنفاقكم أو الذي تنفقون العفو. ومن جعل "ماذا" اسما واحدا مفعولا بـ "ينفقون"; قرأ: "قل العفو" بالنصب بإضمار فعل، وصح له التناسب. ورفع "العفو" مع نصب "ماذا" جائز ضعيف، وكذلك نصبه مع رفعها.
[ ص: 536 ] وعلى منزلتيهما، لعلهم يتفكرون في تلك الآيات، فقوله:
في الدنيا متعلق -على هذا التأويل- بـ "الآيات"، وعلى التأويل الأول وهو المشهور عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره يتعلق "في الدنيا" بـ "تتفكرون".