ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ; أي : بكل طريق من طرق الدين كالشيطان . وصراط الحق وإن كان واحدا ، لكنه يتشعب إلى معارف وحدود وأحكام ، وكانوا إذا رأوا أحدا يشرع في شيء منها منعوه .
وقيل : كانوا يجلسون على المراصد ، فيقولون لمن يريد
شعيبا : إنه كذاب لا يفتننك عن دينك ، ويتوعدون لمن آمن به ، وقيل : يقطعون الطريق .
وتصدون عن سبيل الله ; أي : السبيل الذي قعدوا عليه ، فوقع المظهر موقع المضمر بيانا لكل صراط ، ودلالة على عظم ما يصدون عنه ، وتقبيحا لما كانوا عليه ، أو الإيمان بالله ، أو بكل صراط ، على أنه عبارة عن طرق الدين .
وقوله تعالى :
من آمن به مفعول تصدون على إعمال الأقرب ، ولو كان مفعول " توعدون " لقيل : وتصدونهم ، وتوعدون حال من الضمير في تقعدوا .
وتبغونها عوجا ; أي : وتطلبون لسبيل الله عوجا بإلقاء الشبه ، أو بوصفها للناس بأنها معوجة ، وهي أبعد شيء من شائبة الاعوجاج .
[ ص: 248 ] واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم بالبركة في النسل والمال .
وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين من الأمم الماضية ، كقوم
نوح ومن بعدهم من
عاد وثمود وأضرابهم ، واعتبروا بهم .