فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين فأرسلنا عليهم عقوبة لجرائمهم لا سيما لقولهم هذا .
الطوفان ; أي : الماء الذي طاف بهم وغشي أماكنهم وحروثهم ، من مطر أو سيل ، وقيل : هو الجدري ، وقيل : الموتان ، وقيل : الطاعون .
والجراد والقمل قيل : هو كبار القردان ، وقيل : أولاد الجراد قبل نبات أجنحتها .
والضفادع والدم روي أنهم مطروا ثمانية أيام في ظلمة شديدة لا يستطيع أن يخرج أحد من بيته ، ودخل الماء بيوتهم حتى قاموا فيه إلى تراقيهم ، ولم يدخل بيوت بني إسرائيل منه قطرة ، وهي في خلال بيوتهم ، وفاض الماء على أرضهم وركد ، فمنعهم من الحرث والتصرف ، ودام ذلك سبعة أيام ، فقالوا له عليه الصلاة والسلام : ادع لنا ربك يكشف عنا ونحن نؤمن بك ; فدعا فكشف عنهم ، فنبت من العشب والكلأ ما لم يعهد قبله ، ولم يؤمنوا ; فبعث الله عليهم الجراد فأكل زروعهم ، وثمارهم ، وأبوابهم ، وسقوفهم ، وثيابهم ; ففزعوا إليه عليه الصلاة والسلام لما ذكر ، فخرج إلى الصحراء وأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب ، فرجعت إلى النواحي التي جاءت منها ، فلم يؤمنوا ; فسلط الله تعالى عليهم القمل ، فأكل ما أبقته الجراد ، وكان يقع في أطعمتهم ، ويدخل بين ثيابهم وجلودهم فيمصها ; ففزعوا إليه ثالثا ، فرفع عنهم ، فقالوا : قد تحققنا الآن أنك ساحر ، ثم أرسل الله عليهم الضفادع ، بحيث لا يكشف ثوب ولا طعام إلا وجدت فيه ، وكانت تمتلئ منها مضاجعهم ، وتثب إلى قدورهم وهي تغلي ، وإلى أفواههم عند التكلم ; ففزعوا إليه رابعا وتضرعوا ، فأخذ عليهم العهود ، فدعا فكشف الله عنهم ، فنقضوا العهد ; فأرسل الله عليهم الدم ، فصارت مياههم دماء حتى كان يجتمع القبطي والإسرائيلي على إناء ، فيكون ما يليه دما ، وما يلي الإسرائيلي ماء على حاله ، ويمص من فم الإسرائيلي فيصير دما في فيه . وقيل : سلط الله عليهم الرعاف .
آيات حال من المنصوبات المذكورة .
مفصلات مبينات ، لا يشكل على عاقل أنها آيات الله تعالى ونقمته . وقيل : مفرقات بعضها من بعض لامتحان أحوالهم ، وكان بين كل آيتين منها شهر ، وكان امتداد كل واحدة منها أسبوعا . وقيل : إنه عليه السلام لبث فيهم بعد ما غلب السحرة عشرين سنة يريهم هذه الآيات على مهل .
فاستكبروا ; أي : عن الإيمان بها .
وكانوا قوما مجرمين جملة معترضة مقررة لمضمون ما قبلها .