قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم لما حكي في الكتابين من نعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشرف من يتبعه من أهلهما ، ونيلهم لسعادة الدارين ، أمر عليه الصلاة والسلام ببيان أن تلك السعادة غير مختصة بهم ، بل شاملة لكل من يتبعه كائنا من كان ، ببيان عموم رسالته للثقلين ، مع اختصاص رسالة سائر الرسل عليهم السلام بأقوامهم .
وإرسال
موسى عليه السلام إلى
فرعون وملئه بالآيات التسع ، إنما كان لأمرهم بعبادة رب العالمين عز سلطانه ،
[ ص: 281 ] وترك العظيمة التي كان يدعيها الطاغية ، ويقبلها منه فئته الباغية ، وبإرسال بني إسرائيل من الأسر والقسر ، وأما العمل بأحكام التوراة فمختص ببني إسرائيل .
جميعا حال من الضمير في إليكم .
الذي له ملك السماوات والأرض منصوب ، أو مرفوع على المدح ، أو مجرور على أنه صفة للجلالة ، وإن حيل بينهما بما هو متعلق بما أضيف إليه ، فإنه في حكم المتقدم عليه .
وقوله تعالى :
لا إله إلا هو بيان لما قبله من ملك العالم كان هو الإله لا غيره .
وقوله تعالى :
يحيي ويميت لزيادة تقرير ألوهيته .
والفاء في قوله تعالى :
فآمنوا بالله ورسوله لتفريع الأمر على ما تمهد وتقرر من رسالته صلى الله عليه وسلم ، وإيراد نفسه عليه الصلاة والسلام بعنوان الرسالة على طريقة الالتفات إلى الغيبة ، للمبالغة في إيجاب الامتثال بأمره .
ووصف الرسول بقوله :
النبي الأمي لمدحه عليه الصلاة والسلام بهما ، ولزيادة تقرير أمره وتحقيق أنه المكتوب في الكتابين .
ووصفه بقوله تعالى :
الذي يؤمن بالله وكلماته ; أي : ما أنزل إليه وإلى سائر الرسل عليهم السلام من كتبه ووحيه ، لحمل أهل الكتابين على الامتثال بما أمروا به ، والتصريح بإيمانه بالله تعالى للتنبيه على أن الإيمان به تعالى لا ينفك عن الإيمان بكلماته ، ولا يتحقق إلا به .
وقرئ : ( وكلمته ) على إرادة الجنس ، أو القرآن ; تنبيها على أن المأمور به هو الإيمان به عليه الصلاة والسلام من حيث أنزل عليه القرآن ، لا من حيثية أخرى ، أو على أن المراد بها :
عيسى عليه الصلاة والسلام ، تعريضا باليهود وتنبيها على أن من لم يؤمن به لم يعتد بإيمانه .
واتبعوه ; أي : في كل ما يأتي وما يذر من أمور الدين .
لعلكم تهتدون علة للفعلين ، أو حال من فاعليهما ; أي : رجاء لاهتدائكم إلى المطلوب ، أو راجين له ، وفي تعليقه بهما إيذان بأن من صدقه ولم يتبعه بالتزام أحكام شريعته ، فهو بمعزل من الاهتداء ، مستمر على الغي والضلال .