وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون وإن تدعوهم إلى الهدى إلى أن يهدوكم إلى ما تحصلون به مقاصدكم على الإطلاق ، أو في خصوص الكيد المعهود .
لا يسمعوا ; أي : دعاءكم ; فضلا عن المساعدة والإمداد ، وهذا أبلغ من نفي الاتباع .
وقوله تعالى :
وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون بيان لعجزهم عن الإبصار بعد بيان عجزهم عن السمع ، وبه يتم التعليل ، فلا تكرار أصلا ، والرؤية بصرية .
وقوله تعالى :
ينظرون إليك حال من المفعول ، والجملة الاسمية حال من فاعل " ينظرون " ; أي : وترى الأصنام رأي العين ، يشبهون الناظرين إليك ويخيل إليك أنهم يبصرونك ، لما أنه صنعوا لها أعينا مركبة بالجواهر المضيئة المتلألأة ، وصوروها بصورة من قلب حدقته إلى الشيء ينظر إليه ، والحال أنهم غير قادرين على الإبصار .
وتوحيد الضمير في " تراهم " مع رجوعه إلى المشركين ، لتوجيه الخطاب إلى كل واحد واحد منهم ، لا إلى الكل من حيث هو كل كالخطابات السابقة ; تنبيها على أن رؤية الأصنام على الهيئة المذكورة لا تتسنى للكل معا ، بل
[ ص: 308 ] لكل من يواجهها .
وقيل : ضمير الفاعل في " تراهم " لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وضمير المفعول على حاله . وقيل : للمشركين ، على أن التعليل قد تم عند قوله تعالى : "
لا يسمعوا " ; أي : وترى المشركين ينظرون إليك ، والحال أنهم لا يبصرونك كما أنت عليه .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : أن الخطاب في قوله تعالى : " وإن تدعوا للمؤمنين " على أن التعليل قد تم عند قوله تعالى : " ينصرون " ; أي : وإن تدعوا أيها المؤمنون المشركين إلى الإسلام لا يلتفتوا إليكم ، ثم خوطب صلى الله عليه وسلم بطريق التجريد بأنك تراهم ينظرون إليك ، والحال أنهم لا يبصرونك حق الإبصار ; تنبيها على أن ما فيه صلى الله عليه وسلم من شواهد النبوة ودلائل الرسالة من الجلاء ، بحيث لا يكاد يخفى على الناظرين .