إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين إن تستفتحوا خطاب لأهل
مكة على سبيل التهكم بهم، وذلك أنهم حين أرادوا الخروج تعلقوا بأستار الكعبة، وقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين، وأهدى الفئتين، وأكرم الحزبين أي: إن تستنصروا لأعلى الجندين
فقد جاءكم الفتح حيث نصر أعلاهما، وقد زعمتم أنكم الأعلى فالتهكم في المجيء، أو فقد جاءكم الهزيمة والقهر فالتهكم في نفس الفتح، حيث وضع موضع ما يقابله
وإن تنتهوا عما كنتم عليه من الحراب ومعاداة الرسول صلى الله عليه وسلم
فهو أي: الانتهاء
خير لكم أي: من الحراب الذي ذقتم غائلته لما فيه من السلامة من القتل والأسر، ومبنى اعتبار أصل الخيرية في المفضل عليه هو التهكم
وإن تعودوا أي: إلى حرابه صلى الله عليه وسلم
نعد لما شاهدتموه من الفتح
ولن تغني بالتاء الفوقانية، وقرئ بالياء التحتانية؛ لأن تأنيث الفئة غير حقيقي وللفصل، أي: لن تدفع أبدا
عنكم فئتكم جماعتكم التي تجمعونهم وتستعينون بهم
شيئا أي: من الإغناء، أو من المضار.
وقوله تعالى:
ولو كثرت جملة حالية، وقد مر التحقيق
وأن الله مع المؤمنين أي: ولأن الله معين المؤمنين كان ذلك، أو: والأمر أن الله مع المؤمنين، ويقرب منه بحسب المعنى قراءة الكسر على الاستئناف.
وقيل: الخطاب للمؤمنين، والمعنى: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، وإن تنتهوا عن التكاسل والرغبة عما يرغب فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو خير لكم من كل شيء، لما أنه مناط لنيل سعادة الدارين، وإن تعودوا إليه نعد عليكم بالإنكار وتهييج العدو، ولن تغني حينئذ كثرتكم إذا لم يكن الله معكم بالنصر، والأمر أن الله مع الكاملين في الإيمان.