وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم وأذان من الله ورسوله أي: إعلام منهما، فعال بمعنى الإفعال، كالعطاء بمعنى الإعطاء، ورفعه كرفع (براءة) والجملة معطوفة على مثلها، وإنما قيل:
إلى الناس أي: كافة؛ لأن الأذان غير مختص بقوم دون آخرين، كالبراءة الخاصة
[ ص: 42 ] بالناكثين، بل هو شامل لعامة الكفرة وللمؤمنين أيضا.
يوم الحج الأكبر هو يوم العيد؛ لأن فيه تمام الحج ومعظم أفعاله؛ ولأن الإعلام كان فيه، ولما روي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673584أنه - صلى الله عليه وسلم - وقف يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع فقال «هذا يوم الحج الأكبر».
وقيل: يوم
عرفة لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=842657«الحج عرفة» ووصف الحج بالأكبر؛ لأن العمرة تسمى الحج الأصغر، أو لأن المراد بالحج ما يقع في ذلك اليوم من أعماله، فإنه أكبر من باقي الأعمال، أو لأن ذلك الحج اجتمع فيه المسلمون والمشركون، أو لأنه ظهر فيه عز المسلمين وذل المشركين.
أن الله أي: بأن الله، وقرئ بالكسر لما أن الأذان فيه معنى القول
بريء من المشركين أي: المعاهدين الناكثين
ورسوله عطف على المستكن في (بريء) أو على محل إن واسمها على قراءة الكسر، وقرئ بالنصب عطفا على اسم (أن) أو لأن الواو بمعنى مع، أي: بريء معه منهم، وبالجر على الجوار، وقيل: على القسم.
فإن تبتم من الشرك والغدر، التفات من الغيبة إلى الخطاب؛ لزيادة التهديد والتشديد، والفاء لترتيب مقدم الشرطية على الأذان بالبراءة المذيلة بالوعيد الشديد المؤذن بلين عريكتهم وانكسار شدة شكيمتهم
فهو أي: فالتوب
خير لكم في الدارين
وإن توليتم عن التوبة، أو ثبتم على التولي عن الإسلام والوفاء
فاعلموا أنكم غير معجزي الله غير سابقين ولا فائتين
وبشر الذين كفروا تلوين للخطاب، وصرف له عنهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن البشارة
بعذاب أليم - وإن كانت بطريق التهكم - إنما تليق بمن يقف على الأسرار الإلهية.