ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ألم يعلموا أي: أولئك المنافقون، والاستفهام للتوبيخ على ما أقدموا عليه من العظيمة مع علمهم بسوء عاقبتها، وقرئ بالتاء على الالتفات لزيادة التقريع والتوبيخ، أي: ألم يعلموا بما سمعوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فنون القوارع والإنذارات
أنه أي: الشأن
من يحادد الله ورسوله المحادة من الحد كالمشاقة من الشق، والمعاداة من العدوة بمعنى الجانب، فإن كل واحد من مباشري كل من الأفعال المذكورة في محل غير محل صاحبه، ومن شرطية جوابها قوله تعالى:
فأن له نار جهنم على أن خبره محذوف، أي: فحق أن له نار جهنم، وقرئ بكسر الهمزة، والجملة الشرطية في محل الرفع على أنها خبر لـ"أن"، وهي مع خبرها سادة مسد مفعولي يعلموا، وقيل: المعنى:
[ ص: 79 ] فله، و(أن) تكرير للأولى تأكيدا لطول العهد لا من باب التأكيد اللفظي المانع للأولى من العمل، ودخول الفاء كما في قول من قال:
لقد علم الحي اليمانون أنني إذا قلت أما بعد أني خطيبها
وقد جوز أن يكون (فأن له) معطوفا على (أنه) وجواب الشرط محذوف، تقديره: ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله يهلك فإن له... إلخ، ورد بأن ذلك إنما يجوز عند كون فعل الشرط ماضيا أو مضارعا مجزوما بلم.
خالدا فيها حال مقدرة من الضمير المجرور إن اعتبر في الظرف ابتداء الاستقرار وحدوثه، وإن اعتبر مطلق الاستقرار فالأمر ظاهر
ذلك أشير إلى ما ذكر من العذاب الخالد بذلك؛ إيذانا ببعد درجته في الهول والفظاعة
الخزي العظيم الخزي الذل والهوان المقارن للفضيحة والندامة، وهي ثمرات نفاقهم، حيث يفتضحون على رءوس الأشهاد بظهورها ولحوق العذاب الخالد بهم، والجملة تذييل لما سبق.