قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون قل أي: لأولئك المشركين الذين حكيت أحوالهم، وبين ما يؤدي إليه أعمالهم احتجاجا على حقية التوحيد، وبطلان ما هم عليه من الإشراك
من يرزقكم من السماء والأرض أي: منهما جميعا، فإن الأرزاق تحصل بأسباب سماوية ومواد أرضية، أو من كل واحدة منهما توسعة عليكم، وقيل: (من) لبيان كلمة (من) على حذف المضاف، أي: من أهل السماء والأرض.
أمن يملك السمع والأبصار "أم" منقطعة وما فيها من كلمة (بل) للإضراب عن الاستفهام الأول، لكن لا على طريقة الإبطال بل على وجه الانتقال وصرف الكلام عنه إلى استفهام آخر؛ تنبيها على كفايته فيما هو المقصود، أي: من يستطيع خلقهما وتسويتهما على هذه الفطرة العجيبة، أو من يحفظهما من الآفات مع كثرتها، وسرعة انفعالهما من أدنى شيء يصيبهما
ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي أي: ومن يحيي ويميت، أو ومن ينشئ الحيوان من النطفة والنطفة من الحيوان
ومن يدبر الأمر أي: ومن يلي تدبير أمر العالم جميعا، وهو تعميم بعد تخصيص بعض ما اندرج تحته من الأمور الظاهرة بالذكر
فسيقولون بلا تلعثم ولا تأخير
الله إذ لا مجال للمكابرة لغاية وضوحه، والخبر محذوف، أي: الله يفعل ما ذكر من الأفاعيل لا غيره
فقل عند ذلك تبكيتا لهم
أفلا تتقون الهمزة لإنكار عدم الاتقاء، بمعنى إنكار الواقع كما في: (أتضرب أباك) لا بمعنى إنكار الوقوع كما في (أأضرب أبي) والفاء للعطف على مقدر ينسحب عليه النظم الكريم، أي: أتعلمون ذلك فلا تقون
[ ص: 142 ] أنفسكم عذابه الذي ذكر لكم بما تتعاطونه من إشراككم به ما لا يشاركه في شيء مما ذكر من خواص الإلهية.