قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير قال يا قوم أرأيتم أي: أخبروني
إن كنت في الحقيقة
على بينة أي: حجة ظاهرة وبرهان وبصيرة
من ربي مالكي ومتولي أمري
وآتاني منه من جهته
رحمة نبوة، وهذه الأمور - وإن كانت محققة الوقوع - لكنها صدرت بكلمة الشك اعتبارا لحال المخاطبين ورعاية لحسن المحاورة لاستنزالهم عن المكابرة.
فمن ينصرني من الله أي: ينجيني من عذابه، والعدول إلى الإظهار لزيادة التهويل، والفاء لترتيب إنكار النصرة على ما سبق من إيتاء النبوة، وكونه على بينة من ربه على تقدير العصيان، حسبما يعرب عنه قوله تعالى:
إن عصيته أي: بالمساهلة في تبليغ الرسالة والمجاراة معكم فيما تأتون وتذرون؛ فإن العصيان ممن ذلك شأنه أبعد، والمؤاخذة عليه ألزم، وإنكار نصرته أدخل.
فما تزيدونني إذن باستتباعكم إياي كما ينبئ عنه قولهم: "قد كنت فينا مرجوا قبل هذا" أي: لا تفيدونني إذ لم يكن فيه أصل الخسران حتى يزيدوه
غير تخسير أي: غير أن تجعلوني خاسرا بإبطال أعمالي وتعريضي لسخط الله تعالى، أو فما
[ ص: 222 ] تزيدونني بما تقولون غير أن أنسبكم إلى الخسران، وأقول لكم: إنكم لخاسرون، فالزيادة على معناه، والفاء لترتيب عدم الزيادة على انتفاء الناصر المفهوم من إنكاره على تقدير العصيان مع تحقق ما ينفيه من كونه - عليه الصلاة والسلام - على بينة من ربه وإيتائه النبوة.