[ ص: 260 ] وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون وجاءوا على قميصه محله النصب على الظرفية من قوله:
بدم أي: جاءوا فوق قميصه بدم، كما تقول: جاء على جماله بأحمال، أو على الحالية منه، والخلاف في تقدم الحال على المجرور فيما إذا لم يكن الحال ظرفا
كذب مصدر وصف به الدم مبالغة، أو مصدر بمعنى المفعول، أي: مكذوب فيه، أو بمعنى ذي كذب، أي: ملابس لكذب، وقرئ (كذبا) على أنه حال من الضمير، أي: جاءوا كاذبين، أو مفعول له، وقرأت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله تعالى عنها - بغير المعجمة، أي: كدر، وقيل: طري، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني: أصله من الكذب، وهو الفوف البياض الذي يخرج على أظفار الأحداث، كأنه دم قد أثر في قميصه.
روي أنهم ذبحوا سخلة ولطخوه بدمها، وزل عنهم أن يمزقوه، فلما سمع يعقوب بخبر
يوسف - عليهما السلام - صاح بأعلى صوته، وقال: أين القميص؟ فأخذه وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص، وقال: تالله ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا، أكل ولم يمزق عليه قميصه.
وقيل: كان في قميص
يوسف - عليه السلام - ثلاث آيات: كان دليلا
ليعقوب على كذبهم، وألقاه على وجهه فارتد بصيرا، ودليلا على براءة
يوسف - عليه السلام - حين قد من دبر.
قال استئناف مبني على سؤال، فكأنه قيل: ما قال يعقوب هل صدقهم فيما قالوا أم لا؟ فقيل: قال: لم يكن ذلك
بل سولت لكم أنفسكم أي: زينت وسهلت، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - والتسويل تقدير شيء في النفس مع الطمع في إتمامه، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13696الأزهري : كأن التسويل تفعيل من سؤال الإنسان، وهو أمنيته التي يطلبها فتزين لطالبها الباطل وغيره، وأصله مهموز، وقيل: من السول وهو الاسترخاء
أمرا من الأمور، منكرا، لا يوصف ولا يعرف (فصبر جميل) أي: فأمري صبر جميل، أو فصبر جميل أجمل أو أمثل، وفي الحديث: «الصبر الجميل الذي لا شكوى فيه»، أي: إلى الخلق، وإلا فقد قال
يعقوب - عليه السلام -:
(إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) ، وقيل: سقط حاجباه على عينيه فكان يرفعهما بعصابة، فقيل: ما هذا؟ قال: طول الزمان وكثرة الأحزان، فأوحى الله - عز وجل - إليه يا يعقوب: أتشكوني؟ قال: يا رب خطيئة فاغفرها لي، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي : (فصبرا جميلا).
والله المستعان أي: المطلوب منه العون، وهو إنشاء منه - عليه السلام - للاستعانة المستمرة
على ما تصفون على إظهار حال ما تصفون، وبيان كونه كذبا، وإظهار سلامته؛ فإنه علم في الكذب، قال سبحانه:
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وهو الأليق بما سيجيء من قوله تعالى:
فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا وتفسير (المستعان) عليه باحتمال ما يصفون من هلاك
يوسف ، والصبر على الرزء فيه يأباه تكذيبه - عليه السلام - لهم في ذلك، ولا تساعده الصيغة؛ فإنها قد غلبت في وصف الشيء بما ليس فيه كما أشير إليه.