وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون وقال الملك أي: الريان
إني أرى أي: رأيت، وإيثار صيغة المضارع لحكاية الحال الماضية
سبع بقرات سمان جمع سمين وسمينة ككرام في جمع كريم وكريمة، يقال: رجال كرام ونسوة كرام
يأكلهن أي: أكلهن، والعدول إلى المضارع لاستحضار الصورة تعجيبا، والجملة حال من البقرات أو صفة لها
سبع عجاف أي: سبع بقرات عجاف، وهي جمع عجفاء والقياس عجف؛ لأن فعلاء وأفعل لا يجمع على فعال، ولكن عدل به عن القياس حملا لأحد النقيضين على الآخر، وإنما لم يقل: (سبع عجاف) بالإضافة؛ لأن التمييز موضوع لبيان الجنس، والصفة ليست بصالحة لذلك، فلا يقال: (ثلاثة ضخام وأربعة غلاظ) وأما قولك: ثلاثة فرسان وخمسة ركبان؛ فلجريان الفارس والراكب مجرى الأسماء.
روي أنه رأى سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس، وخرج عقيبهن سبع بقرات عجاف في غاية الهزال فابتلعت العجاف السمان.
وسبع سنبلات خضر قد انعقد حبها
وأخر يابسات أي: وسبعا أخر يابسات، قد أدركت والتوت على الخضر حتى غلبتها على ما روي، ولعل عدم التعرض لذكره للاكتفاء بما ذكر من حال البقرات
يا أيها الملأ خطاب للأشراف من العلماء والحكماء
أفتوني في رؤياي هذه، أي: عبروها وبينوا حكمها وما تؤول إليه من العاقبة، والتعبير عن التعبير بالإفتاء
[ ص: 281 ] لتشريفهم وتفخيم أمر رؤياه.
إن كنتم للرؤيا تعبرون أي: تعلمون عبارة جنس الرؤيا علما مستمرا، وهي الانتقال من الصور الخيالية المشاهدة في المنام إلى ما هي صور وأمثلة لها من الأمور الآفاقية أو الأنفسية الواقعة في الخارج، من العبور وهو المجاوزة، تقول: عبرت النهر إذا قطعته وجاوزته، ونحوه أولتها، أي: ذكرت مآلها، وعبرت الرؤيا عبارة أثبت من عبرتها تعبيرا، والجمع بين الماضي والمستقبل للدلالة على الاستمرار كما أشير إليه، واللام للبيان، أو لتقوية العامل المؤخر لرعاية الفواصل، أو لتضمين (تعبرون) معنى فعل متعد باللام، كأنه قيل: إن كنتم تنتدبون لعبارتها، ويجوز أن يكون (للرؤيا) خبر كان، كما يقال: فلان لهذا الأمر إذا كان مستقلا به متمكنا منه، وتعبرون خبر آخر.