إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم .
إن الصفا والمروة : علمان لجبلين
بمكة المعظمة؛ كالصمان؛ والمقطم؛
من شعائر الله ؛ من أعلام مناسكه؛ جمع "شعيرة"؛ وهي العلامة؛
فمن حج البيت أو اعتمر ؛ الحج (في اللغة: القصد. والاعتمار: الزيارة. غلبا في الشريعة على قصد البيت؛ وزيارته؛ على الوجهين المعروفين؛ كـ "البيت"؛ و"النجم"؛ في الأعيان؛ وحيث أظهر البيت وجب تجريده عن التعلق به؛
فلا جناح عليه أن يطوف بهما ؛ أي: في أن يطوف بهما؛ أصله: "يتطوف"؛ قلبت التاء طاء؛ فأدغمت الطاء في الطاء؛ وفي إيراد صيغة التفعل إيذان بأن من حق الطائف أن يتكلف في الطواف؛ ويبذل فيه جهده؛ وهذا الطواف واجب عندنا؛ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك؛ nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي - رحمهما الله - أنه ركن؛ وإيراده بعدم الجناح؛ المشعر بالتخيير؛ لما أنه كان في عهد الجاهلية على
الصفا صنم؛ يقال له: إساف؛ وعلى
المروة آخر؛ اسمه: نائلة؛ وكانوا إذا سعوا بينهما مسحوا بهما؛ فلما جاء الإسلام؛ وكسر الأصنام؛ تحرج المسلمون أن يطوفوا بينهما لذلك؛ فنزلت. وقيل: هو تطوع؛ ويعضده قراءة ابن مسعود: "فلا جناح عليه ألا يطوف بهما"؛
ومن تطوع خيرا ؛ أي: فعل طاعة؛ فرضا كان أو نفلا؛ أو زاد على ما فرض عليه من حج؛ أو عمرة؛ أو طواف؛ و"خيرا" حينئذ نصب على أنه صفة لمصدر محذوف؛ أي: تطوعا خيرا؛ أو على حذف الجار؛ وإيصال الفعل إليه؛ أو على تضمين معنى "فعل"؛ وقرئ: "يطوع"؛ وأصله: "يتطوع"؛ مثل "يطوف"؛ وقرئ: "ومن يتطوع بخير"؛
فإن الله شاكر ؛ أي: مجاز على الطاعة؛ عبر عن ذلك بالشكر؛ مبالغة في الإحسان إلى العباد؛
عليم : مبالغ في العلم بالأشياء؛ فيعلم مقادير أعمالهم؛ وكيفياتها؛ فلا ينقص من أجورهم شيئا؛ وهو علة لجواب الشرط؛ قائم مقامه؛ كأنه قيل: ومن تطوع خيرا جازاه الله (تعالى)؛ وأثابه؛ فإن الله شاكر عليم.