وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين يدأبان في سيرهما، وإنارتهما أصالة، وخلافة، وإصلاحهما لما نيط بهما صلاحه من المكونات
وسخر لكم الليل والنهار يتعاقبان خلفة لمنامكم، ومعاشكم، ولعقد الثمار، وإنضاجها ، ذكر سبحانه وتعالى أنواع النعم الفائضة عليهم، وأبرز كل واحدة منها في جملة مستقلة تنويها لشأنها، وتنبيها على رفعة مكانها، وتنصيصا على كون كل منها نعمة جليلة مستوجبة للشكر. وفي التعبير عن التصريف المتعلق بما ذكر من الفلك، والأنهار، والشمس، والقمر، والليل، والنهار بالتسخير من الإشعار بما فيها من صعوبة المأخذ، وعزة المنال، والدلالة على عظم السلطان، وشدة المحال ما لا يخفى، وتأخير تسخير الشمس والقمر عن تسخير ما تقدمه من الأمور المعدودة مع ما بينه وبين خلق السموات من المناسبة الظاهرة، لاستتباع ذكرها لذكر الأرض المستدعي لذكر إنزال الماء منها إليها الموجب لذكر إخراج الرزق الذي من جملته ما يحصل بواسطة الفلك، والأنهار، أو للتفادي عن توهم كون الكل، أعني: خلق السموات والأرض، وتسخير الشمس والقمر نعمة واحدة، كما مر في قصة البقرة.