فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون فلا تضربوا لله الأمثال التفات إلى الخطاب للإيذان بالاهتمام بشأن النهي، أي: لا تشركوا به شيئا، والتعبير عن ذلك بضرب المثل للقصد إلى النهي عن الإشراك به تعالى في شأن من الشؤون، فإن
ضرب المثل مبناه تشبيه حالة بحالة، وقصة بقصة، أي: لا تشبهوا بشأنه تعالى شأنا من الشؤون. و "اللام" مثلها في قوله تعالى:
ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون لا مثلها في قوله تعالى:
واضرب لهم مثلا أصحاب القرية .
[ ص: 129 ] ونظائره، و "الفاء" للدلالة على ترتب النهي على ما عدد من النعم الفائضة عليهم من جهته سبحانه، وكون ما يشركون به تعالى بمعزل من أن يملك لهم من أقطار السموات والأرض شيئا من رزق ما فضلا عما فصل من نعمة الخلق، والتفضيل في الرزق، ونعمة الأزواج والأولاد.
إن الله يعلم تعليل للنهي المذكور، ووعيد على المنهي عنه، أي: إنه تعالى يعلم كنه ما تأتون، وما تذرون. وأنه في غاية العظم والقبح
وأنتم لا تعلمون ذلك، وإلا لما فعلتموه، أو أنه تعالى يعلم كنه الأشياء، وأنتم لا تعلمونه فدعوا رأيكم وقفوا مواقف الامتثال لما ورد عليكم من الأمر والنهي، ويجوز أن يراد
فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم كيف تضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون ذلك، فتقعون فيما تقعون فيه من مهاوي الردى والضلال، ثم علمهم كيفية ضرب الأمثال في هذا الباب فقال: