ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ويوم نبعث تكرير لما سبق تثنية للتهديد،
في كل أمة شهيدا عليهم أي: نبيا.
من أنفسهم من جنسهم قطعا لمعذرتهم، وفي قوله تعالى: عليهم إشعار بأن شهادة أنبيائهم على الأمم تكون بمحضر منهم
وجئنا بك إيثار لفظ المجيء على البعث لكمال العناية بشأنه عليه السلام، وصيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع.
شهيدا على هؤلاء الأمم، وشهدائهم. كقوله تعالى:
فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا وقيل: على أمتك، والعامل في الظرف محذوف، كما مر. والمراد به: يوم القيامة.
ونزلنا عليك الكتاب الكامل في الكتابية الحقيق بأن يخص باسم الجنس، وهو إما استئناف، أو حال بتقدير قد.
تبيانا بيانا بليغا
لكل شيء يتعلق بأمور الدين، ومن جملة ذلك أحوال الأمم مع أنبيائهم عليهم السلام فيكون كالدليل على كونه عليه السلام شهيدا عليهم، وكذا من جملته ما أخبر به هذه الآية الكريمة من بعث الشهداء، وبعثه عليه السلام شهيدا عليهم، عليهم الصلاة والسلام. والتبيان كالتلقاء في كسر أوله، وكونه تبيانا لكل شيء من أمور الدين، باعتبار أن فيه نصا على بعضها، وإحالة لبعضها على السنة حيث أمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وطاعته. وقيل فيه:
وما ينطق عن الهوى وحثا على الإجماع، وقد رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته باتباع أصحابه حيث قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=1084أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ، وقد اجتهدوا، وقاسوا، ووطئوا طرق الاجتهاد، فكانت السنة والإجماع والقياس مستندة إلى تبيان
[ ص: 136 ] الكتاب، ولم يضر ما في البعض من الخفاء في كونه تبيانا، فإن المبالغة باعتبار الكمية دون الكيفية. كما قيل في قوله تعالى:
وما أنا بظلام للعبيد إنه من قولك فلان ظالم لعبيده، وظلام لعبيده. ومنه قوله سبحانه:
وما للظالمين من أنصار .
وهدى ورحمة للعالمين، فإن حرمان الكفر من مغانم آثاره من تفريطهم لا من جهة الكتاب.
وبشرى للمسلمين خاصة، أو يكون كل ذلك خاصا بهم; لأنهم المنتفعون بذلك.