ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم "اللام" صلة مثلها في قوله تعالى:
ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات ، أي: لا تقولوا في شأن ما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة في قولكم:
ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا من غير ترتب ذلك الوصف على ملاحظة وفكر فضلا عن استناده إلى وحي، أو قياس مبني عليه
الكذب منتصب بلا تقولوا، وقوله تعالى:
هذا حلال وهذا حرام بدل منه، ويجوز أن يتعلق بتصف على إرادة القول، أي: لا تقولوا لما تصف ألسنتكم فتقول هذا حلال، وهذا حرام. وأن يكون القول المقدر حالا من ألسنتهم، أي: قائلة هذا حلال ... إلخ، ويجوز أن ينتصب الكذب بتصف، ويتعلق هذا حلال ... إلخ بلا تقولوا، و "اللام" للتعليل، وما مصدرية، أي: لا تقولوا هذا حلال، وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب، أي: لا تحلوا، ولا تحرموا لمجرد وصف ألسنتكم الكذب، وتصويرها له بصورة مستحسنة، وتزيينها له في المسامع، كأن ألسنتهم لكونها منشأ للكذب، ومنبعا للزور شخص عالم بكنهه، ومحيط بحقيقته يصفه للناس، ويعرفه أوضح وصف، وأبين تعريف على طريقة الاستعارة بالكناية، كما يقال: وجهه يصف الجمال، وعينه تصف السحر. وقرئ: بالجر صفة لما مع مدخولها، كأنه قيل: لوصفها الكذب بمعنى الكاذب. كقوله تعالى:
بدم كذب ، والمراد بالوصف: وصفها البهائم بالحل والحرمة. وقرئ: الكذب جمع كذوب بالرفع صفة للألسنة، وبالنصب على الشتم، أو بمعنى الكلم الكواذب، أو هو جمع الكذاب من قولهم: كذب كذبا ذكره ابن جني.
لتفتروا على الله الكذب [ ص: 148 ] فإن مدار الحل والحرمة ليس إلا أمر الله تعالى ، فالحكم بالحل والحرمة إسناد للتحليل والتحريم إلى الله سبحانه من غير أن يكون ذلك منه، و "اللام" لام العاقبة.
إن الذين يفترون على الله الكذب في أمر من الأمور
لا يفلحون لا يفوزون بمطالبهم التي ارتكبوا الافتراء للفوز بها.