ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ثم أوحينا إليك مع علو طبقتك، وسمو رتبتك
أن اتبع ملة إبراهيم . الملة: اسم لما شرعه الله تعالى لعباده على لسان الأنبياء عليهم السلام من أمللت الكتاب إذا أمليته، وهو الدين بعينه، لكن باعتبار الطاعة له، وتحقيقه أن الوضع الإلهي مهما نسب إلى من يؤديه عن الله تعالى يسمى ملة، ومهما نسب إلى من يقيمه ويعمل به يسمى دينا. قال الراغب: الفرق بينهما أن الملة لا تضاف إلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تكاد توجد مضافة إلى الله سبحانه، ولا إلى آحاد الأمة، ولا تستعمل إلا في جملة الشرائع دون آحادها. والمراد بملته عليه السلام: الإسلام الذي عبر عنه آنفا بالصراط المستقيم
حنيفا [ ص: 150 ] حال من المضاف إليه لما أن المضاف لشدة اتصاله به عليه السلام جرى منه مجرى البعض، فعد بذلك من قبيل : رأيت وجه هند قائمة، والمأمور به الاتباع في الأصول دون الشرائع المتبدلة بتبدل الأعصار، وما في "ثم" من التراخي في الرتبة للإيذان بأن هذه النعمة من أجل النعم الفائضة عليه السلام،
وما كان من المشركين تكرير لما سبق لزيادة تأكيد، وتقرير لنزاهته عليه السلام عما هم عليه من عقد وعمل، وقوله تعالى: