أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا خطاب للقائلين بأن الملائكة بنات الله سبحانه، والإصفاء بالشيء جعله خالصا، والهمزة للإنكار، والفاء للعطف على مقدر يفسره المذكور، أي: أفضلكم على جنابه فخصكم بأفضل الأولاد على وجه الخلوص، وآثر لذاته أخسها، وأدناها كما في قوله سبحانه:
ألكم الذكر وله الأنثى . وقوله تعالى
أم له البنات ولكم البنون وقد قصد ههنا بالتعرض لعنوان الربوبية تشديد النكير، وتأكيده، وأشير بذكر الملائكة عليهم السلام، وإيراد الإناث مكان البنات إلى كفرة لهم أخرى، وهي وصفهم لهم عليهم السلام بالأنوثة التي هي أخس صفات الحيوان كقوله تعالى:
وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا .
إنكم لتقولون بمقتضى مذهبكم الباطل الذي هو إضافة الولد إليه سبحانه.
قولا عظيما لا يقادر قدره في استتباع الإثم، وخرقه لقضايا العقول بحيث لا يجترئ عليه أحد حيث يجعلونه تعالى من قبيل الأجسام المتجانسة السريعة الزوال، وليس كمثله شيء وهو الواحد القهار الباقي بذاته، ثم تضيفون إليه ما تكرهون من أخس الأولاد، وتفضلون عليه أنفسكم بالبنين، ثم تصفون الملائكة الذين هم من أشرف الخلائق بالأنوثة التي هي أخس أوصاف الحيوان فيا لها
[ ص: 174 ] من ضلة ما أقبحها، وكفرة ما أشنعها وأفظعها.