وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا وربك أعلم بمن في السماوات والأرض [ ص: 179 ] وتفاصيل أحوالهم الظاهرة والكامنة التي بها يستأهلون الاصطفاء، والاجتباء، فيختار منهم لنبوته وولايته من يشاء ممن يستحقه، وهو رد عليهم إذ قالوا: بعيد أن يكون يتيم
أبي طالب نبيا. وأن يكون العراة الجوع أصحابه دون أن يكون ذلك من الأكابر والصناديد. وذكر من في السموات لإبطال قولهم:
لولا أنزل علينا الملائكة . وذكر من في الأرض لرد قولهم:
لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم .
ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض بالفضائل النفسانية، والتنزه عن العلائق الجسمانية لا بكثرة الأموال والأتباع.
وآتينا داود زبورا بيان لحيثية تفضيله عليه الصلاة والسلام، فإن ذلك إيتاء الزبور لا إيتاء الملك، والسلطنة، وفيه إيذان بتفضيل النبي صلى الله عليه وسلم فإن نعوته الجليلة، وكونه خاتم النبيين مسطورة في الزبور، وأن المراد بعباد الله الصالحين في قوله تعالى:
أن الأرض يرثها عبادي الصالحون هو النبي صلى الله عليه وسلم وأمته. وتعريف "الزبور" تارة، وتنكيره أخرى، إما لأنه في الأصل فعول بمعنى المفعول كالحلوب، أو مصدر بمعناه كالقول. وإما لأن المراد آتينا
داود زبورا من الزبر، أو بعضا من الزبور فيه ذكره صلى الله عليه وسلم. وقرئ: بضم الزاي على أنه جمع زبر بمعنى مزبور.