واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون .
واذكروا الله ؛ أي: كبروه في أعقاب الصلوات؛ وعند ذبح القرابين؛ ورمي الجمار؛ وغيرها؛
في أيام معدودات ؛ هي أيام التشريق؛
فمن تعجل ؛ أي استعجل في النفر؛ أو النفر؛ فإن التفعل؛ والاستفعال؛ يجيئان لازمين؛ ومتعديين؛ يقال: "تعجل في الأمر"؛ و"استعجل فيه"؛ و"تعجله"؛ و"استعجله"؛ والأول أوفق للتأخر؛ كما في قوله:
قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون من المستعجل الزلل
في يومين ؛ أي: في تمام يومين؛ بعد يوم النحر؛ وهو يوم القر؛ ويوم الرؤوس؛ واليوم بعده؛ ينفر إذا فرغ من رمي الجمار؛
ومن تأخر ؛ في النفر حتى رمى في اليوم الثالث؛ قبل الزوال؛ أو بعده؛ وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: بعده فقط؛
فلا إثم عليه ؛ بما صنع من التأخر؛ والمراد التخيير بين التعجل؛ والتأخر؛ ولا يقدح فيه أفضلية الثاني؛ وإنما ورد بنفي الإثم تصريحا بالرد على أهل الجاهلية؛ حيث كانوا مختلفين؛ فمن مؤثم للمتعجل؛ ومؤثم للمتأخر؛
لمن اتقى : خبر لمبتدإ محذوف؛ أي: الذي ذكر من التخيير؛ ونفي الإثم عن المتعجل؛ والمتأخر؛ أو من الأحكام؛ لمن اتقى؛ لأنه الحاج على الحقيقة؛ والمنتفع به؛ أو لأجله؛ حتى لا يتضرر بترك ما يهمه منهما؛
واتقوا الله ؛ في مجامع أموركم؛ بفعل الواجبات؛ وترك المحظورات؛ ليعبأ بكم؛ وتنظموا في سلك المغتنمين بالأحكام المذكورة؛ والرخص؛ أو: احذروا الإخلال بما ذكر من الأحكام؛ وهو الأنسب بقوله - عز وجل -:
واعلموا أنكم إليه تحشرون ؛ أي: للجزاء على أعمالكم؛ بعد الإحياء؛ والبعث ؛ وأصل الحشر: الجمع؛ وضم المتفرق؛ وهو تأكيد للأمر بالتقوى؛ وموجب للامتثال به؛ فإن من علم بالحشر؛ والمحاسبة؛ والجزاء؛ كان ذلك من أقوى الدواعي إلى ملازمة التقوى.