وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا وما منع الناس أي: الذين حكيت أباطيلهم،
أن يؤمنوا مفعول ثان لمنع، وقوله:
إذ جاءهم الهدى أي: الوحي ظرف لمنع، أو يؤمنوا، أي: وما منعهم وقت مجيء الوحي المقرون بالمعجزات المستدعية للإيمان أن يؤمنوا بالقرآن وبنبوتك، أو ما منعهم أن يؤمنوا بذلك وقت مجيء ما ذكر.
إلا أن قالوا في محل الرفع على أنه فاعل منع، أي: إلا قولهم.
أبعث الله بشرا رسولا منكرين أن يكون رسول الله تعالى من جنس البشر، وليس المراد: أن هذا القول صدر عن بعضهم فمنع بعضا آخر منهم بل المانع هو الاعتقاد الشامل للكل المستتبع لهذا القول منهم، وإنما عبر عنه بالقول إيذانا بأنه مجرد قول يقولونه بأفواههم من غير أن يكون له مفهوم ومصداق. وحصر المانع من الإيمان فيما ذكر مع أن لهم موانع شتى لما أنه معظمها، أو لأنه هو المانع بحسب الحال. أعني عند سماع الجواب بقوله تعالى:
هل كنت إلا بشرا رسولا إذ هو الذي يتشبثون به حينئذ من غير أن يخطر ببالهم شبهة أخرى من شبههم الواهية، وفيه إيذان بكمال عنادهم حيث يشير إلى أن الجواب المذكور مع كونه حاسما لمواد
[ ص: 196 ] شبههم ملجئا إلى الإيمان يعكسون الأمر، ويجعلونه مانعا منه.