هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور .
هل ينظرون : استفهام إنكاري؛ في معنى النفي؛ أي: ما ينتظرون بما يفعلون من العناد؛ والمخالفة في الامتثال بما أمروا به؛ والانتهاء عما نهوا عنه؛
إلا أن يأتيهم الله ؛ أي: أمره؛ وبأسه؛ أو يأتيهم الله بأمره؛ وبأسه؛ فحذف المأتي به لدلالة الحال عليه؛ والالتفات إلى الغيبة للإيذان بأن سوء صنيعهم موجب للإعراض عنهم. وحكاية جنايتهم لمن عداهم من أهل الإنصاف على طريقة المباثة؛ وإيراد الانتظار للإشعار بأنهم لانهماكهم فيما هم فيه من موجبات العقوبة
[ ص: 213 ] كأنهم طالبون لها؛ مترقبون لوقوعها؛
في ظلل ؛ كـ "قلل"؛ في جمع "قلة"؛ وهي ما أظلك؛ وقرئ: "في ظلال"؛ كـ "قلال"؛ في جمع "قلة"؛
من الغمام ؛ أي: السحاب الأبيض؛ وإنما أتاهم العذاب فيه لما أنه مظنة الرحمة؛ فإذا أتى منه العذاب كان أفظع؛ وأقطع للمطامع؛ فإن إتيان الشر من حيث لا يحتسب صعب؛ فكيف بإتيانه من حيث يرجى منه الخير؟
والملائكة : عطف على الاسم الجليل؛ أي: ويأتيهم الملائكة؛ فإنهم وسائط في إتيان أمره (تعالى)؛ بل هم الآتون ببأسه على الحقيقة؛ وتوسيط الظرف بينهما للإيذان بأن الآتي أولا من جنس ما يلابس الغمام؛ ويترتب عليه عادة؛ وأما الملائكة - وإن كان إتيانهم مقارنا لما ذكر من الغمام - لكن ذلك ليس بطريق الاعتياد؛ وقرئ بالجر؛ عطفا على "ظلل"؛ أو "الغمام"؛
وقضي الأمر ؛ أي: أتم أمر إهلاكهم؛ وفرغ منه؛ وهو عطف على "يأتيهم" داخل في حيز الانتظار؛ وإنما عدل إلى صيغة الماضي دلالة على تحققه؛ فكأنه قد كان؛ أو جملة مستأنفة؛ جيء بها إنباء عن وقوع مضمونها؛ وقرئ "وقضاء الأمر"؛ عطفا على "الملائكة"؛
وإلى الله ؛ لا إلى غيره؛
ترجع الأمور ؛ بالتأنيث؛ على البناء للمفعول؛ من "الرجع"؛ وقرئ بالتذكير؛ وعلى البناء للفاعل بالتأنيث من "الرجوع".