ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه وهو القرآن العظيم.
فأعرض عنها ولم يتدبرها، ولم يتذكر بها. وهذا السبك وإن كان مدلوله الوضعي نفي الأظلمية من غير تعرض لنفي المساواة في الظلم، إلا أن مفهومه العرفي أنه أظلم من كل ظالم. وبناء الأظلمية على ما في حيز الصلة من الإعراض عن القرآن، للإشعار بأن ظلم من يجادل فيه، ويتخذه هزوا خارج عن الحد.
ونسي ما قدمت يداه أي: عمله من الكفر والمعاصي التي من جملتها ما ذكر من المجادلة بالباطل، والاستهزاء بالحق، ولم يتفكر في عاقبتها.
إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أغطية كثيرة. جمع كنان، وهو تعليل لإعراضهم ونسيانهم بأنهم مطبوع على قلوبهم.
أن يفقهوه مفعول لما دل عليه الكلام، أي: منعناهم أن يقفوا على كنهه، أو مفعول له، أي: كراهة أن يفقهوه.
وفي آذانهم أي: جعلنا فيها
وقرا ثقلا يمنعهم من استماعه.
وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا أي: فلن يكون منهم اهتداء البتة مدة التكليف، وإذن جزاء للشرط، وجواب عن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم المدلول عليه بكمال عنايته بإسلامهم، كأنه قال صلى الله عليه وسلم: ما لي لا أدعوهم، فقيل: إن تدعهم ... إلخ. وجمع الضمير الراجع إلى الموصول في هذه المواضع الخمسة باعتبار معناه، كما أن إفراده في المواطن الخمسة المتقدمة باعتبار لفظه.