ولقد مننا عليك مرة أخرى
وقوله تعالى :
ولقد مننا عليك كلام مستأنف مسوق لتقرير ما قبله ، وزيادة توطين نفس
موسى عليه السلام بالقبول ببيان أنه تعالى حيث أنعم عليه بتلك النعم التامة من غير سابقة دعاء منه وطلب ، فلأن ينعم عليه بمثلها وهو طالب له وداع أولى وأحرى ، وتصديره بالقسم لكمال الاعتناء بذلك ، أي : وبالله لقد أنعمنا .
مرة أخرى أي : في وقت غير هذا الوقت ، لا أن ذلك مؤخر عن هذا . فإن أخرى تأنيت آخر بمعنى : غير ، والمرة في الأصل : اسم للمرور الواحد ، ثم أطلق على كل فعلة واحدة من الفعلات متعدية كانت أو لازمة ، ثم شاع في كل فرد واحد من أفراد ماله أفراد متجددة متعددة ، فصار علما في ذلك حتى جعل معيارا لما في معناه من سائر الأشياء ، فقيل : هذا بناء المرة ، ويقرب منها الكرة والتارة والدفعة ، والمراد بها ههنا : الوقت الممتد الذي وقع فيه ما سيأتي ذكره من المنن العظيمة الكثيرة .