اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري
وقوله تعالى :
اذهب أنت وأخوك أي : وليذهب أخوك حسبما استدعيت ، استئناف مسوق لبيان ما هو المقصود بالاصطناع .
بآياتي أي : بمعجزاتي التي أريتكها من اليد والعصا ، فإنهما وإن كانتا اثنتين لكن في كل منهما آيات شتى ، كما في قوله تعالى :
فيه آيات بينات مقام إبراهيم فإن انقلاب العصا حيوانا آية ، وكونها ثعبانا عظيما لا يقادر قدره آية أخرى ، وسرعة حركته مع عظم جرمه آية أخرى ، وكونه مع ذلك مسخرا له عليه السلام بحيث كان يدخل يده في فمه فلا يضره آية أخرى ، ثم انقلابها عصا آية أخرى . وكذلك اليد فإن بياضها في نفسه آية ، وشعاعها آية ، ثم رجوعها إلى حالتها الأولى آية أخرى . والباء للمصاحبة لا للتعدية ، إذ المراد : ذهابهما إلى
فرعون ملتبسين بالآيات متمسكين بها في إجراء أحكام الرسالة ، وإكمال أمر الدعوة لا مجرد إذهابها وإيصالها إليه .
ولا تنيا لا تفترا ولا تقصرا . وقرئ : "لا تنيا" بكسر التاء للاتباع .
في ذكري أي : بما يليق بي من الصفات الجليلة والأفعال الجميلة عند تبليغ رسالتي والدعاء إلي . وقيل المعنى : لا تنيا في تبليغ رسالتي ، فإن الذكر يقع على جميع العبادات ، وهو أجلها وأعظمها ، وقيل : لا تنسياني حيثما تقلبتما واستمدا بذكري العون والتأييد . واعلما أن أمرا من الأمور لا يتأتى ولا يتسنى إلا بذكري .