قال فمن ربكما يا موسى قال أي :
فرعون ، بعدما أتياه وبلغاه ما أمرا به ، وإنما طوي ذكره للإيجاز ، والإشعار بأنهما كما أمرا بذلك سارعا إلى الامتثال به من غير تلعثم ، وبأن ذلك من الظهور بحيث لا حاجة إلى التصريح به .
فمن ربكما يا موسى لم يضف الرب إلى نفسه ، ولو بطريق حكاية ما في قوله تعالى :
"إنا رسولا ربك" وقوله تعالى :
"قد جئناك بآية من ربك" لغاية عتوه ، ونهاية طغيانه ، بل أضافه إليهما لما أن المرسل لابد أن يكون ربا للرسول ، أو لأنهما قد صرحا بربوبيته تعالى للكل ، بأن قالا :
إنا رسول رب العالمين كما وقع في (سورة الشعراء ) . والاقتصار هاهنا على ذكر ربوبيته تعالى
لفرعون لكفايته فيما هو المقصود . والفاء لترتيب السؤال على ما سبق من كونهما رسولي ربهما ، أي : إذا كنتما رسولي ربكما فأخبرا من ربكما الذي
[ ص: 20 ] أرسلكما ، وتخصيص النداء
بموسى عليه الصلاة والسلام مع توجيه الخطاب إليهما ، لما أنه الأصل في الرسالة ،
وهارون وزيره . وأما ما قيل من أن ذلك لأنه قد عرف أن له عليه الصلاة والسلام رتة ، فأراد أن يفحمه فيرده ما شاهده منه عليه الصلاة والسلام من حسن البيان القاطع لذلك الطمع الفارع . وأما قوله :
ولا يكاد يبين فمن غلوه في الخبث والدعارة كما مر .