[ ص: 21 ] قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى
قوله تعالى :
قال علمها عند ربي فإن معناه : أنه من الغيوب التي لا يعلمها إلا الله تعالى ، وإنما أنا عبد لا أعلم منها إلا ما علمنيه من الأمور المتعلقة بما أرسلت به ، ولو كان المسؤول عنه ما ذكر من الشقاوة والسعادة ، لأجيب ببيان أن من اتبع الهدى منهم فقد سلم ، ومن تولى فقد عذب حسبما نطق به قوله تعالى : "والسلام.." الآيتين .
في كتاب أي :
مثبت في اللوح المحفوظ بتفاصيله ، ويجوز أن يكون ذلك تمثيلا لتمكنه . وتقرره في علم الله عز وجل بما استحفظه العالم وقيده بالكتبة ، كما يلوح به قوله تعالى :
لا يضل ربي ولا ينسى أي : لا يخطئ ابتداء ، ولا يذهب علمه بقاء بل ثابت أبدا ، فإنهما محالان عليه سبحانه ، وهو على الأول لبيان أن إثباته في اللوح ليس لحاجته تعالى إليه في العلم به ابتداء أو بقاء . وإظهار "ربي" في موقع الإضمار للتلذذ بذكره ، ولزيادة التقرير ، والإشعار بعلة الحكم ، فإن الربوبية مما يقتضي عدم الضلال والنسيان حتما .
.