منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى منها خلقناكم أي : في ضمن أبيكم
آدم عليه الصلاة والسلام منها ، فإن كل فرد من أفراد البشر له حظ من خلقه عليه الصلاة والسلام ، إذ لم تكن قطرته البديعة مقصورة على نفسه عليه الصلاة والسلام ، بل كانت أنموذجا منطويا على فطرة سائر أفراد الجنس انطواء إجماليا مستتبعا لجريان آثارها على الكل ، فكان خلقه عليه الصلاة والسلام منها خلقا للكل منها . وقيل : المعنى : خلقنا أبدانكم من النطفة المتولدة من الأغذية المتولدة من الأرض بوسائط ، وقيل : إن الملك الموكل بالرحم يأخذ من تربة المكان الذي يدفن المولود فيبددها على النطفة فيخلق من التراب والنطفة .
وفيها نعيدكم بالأمانة وتفريق الأجزاء . وإيثار كلمة "في" على كلمة "إلى" للدلالة على الاستقرار المديد فيها .
ومنها نخرجكم تارة أخرى بتأليف أجزائكم المتفتتة المختلطة بالتراب على الهيئة السابقة ، ورد الأرواح إليها ، وكون هذا الإخراج تارة أخرى باعتبار أن خلقهم من الأرض إخراج لهم منها ، وإن لم يكن على نهج التارة الثانية . والتارة في الأصل : اسم للتور الواحد ، وهو الجريان ، ثم أطلق على كل فعلة واحدة من الفعلات المتجددة كما مر في المرة .