والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير .
والذين : على حذف المضاف؛ أي: وأزواج الذين؛
يتوفون منكم ؛ أي: تقبض أرواحهم بالموت؛ فإن "التوفي" هو: "القبض"؛ يقال: "توفيت مالي من فلان"؛ و"استوفيته منه"؛ أي: أخذته؛ وقبضته؛ والخطاب لكافة الناس؛ بطريق التلوين؛
ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ؛ أو على حذف العائد إلى المبتدإ في الخبر؛
[ ص: 232 ] أي: يتربصن بعدهم؛ كما في قولهم: "السمن منوان بدرهم"؛ أي: "منوان منه"؛ وقرئ: "يتوفون"؛ بفتح الياء؛ أي: يستوفون آجالهم؛ وتأنيث العشر باعتبار الليالي؛ لأنها غرر الشهور والأيام؛ ولذلك تراهم لا يكادون يستعملون التذكير في مثله أصلا؛ حتى إنهم يقولون: "صمت عشرا"؛ ومن البين في ذلك قوله (تعالى):
إن لبثتم إلا عشرا ؛ ثم :
إن لبثتم إلا يوما ؛ ولعل الحكمة في هذا التقدير أن الجنين إذا كان ذكرا يتحرك غالبا لثلاثة أشهر؛ وإن كان أنثى يتحرك لأربعة؛ فاعتبر أقصى الأجلين؛ وزيد عليه العشر استظهارا؛ إذ ربما تضعف الحركة؛ فلا يحس بها؛ وعموم اللفظ يقتضي تساوي المسلمة؛ والكتابية؛ والحرة؛ والأمة؛ في هذا الحكم؛ ولكن القياس اقتضى التنصيف في الأمة؛ وقوله - عز وجل -:
وأولات الأحمال ؛ خص الحامل منه؛ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي؛ nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضي الله عنهم - أنها تعتد بأبعد الأجلين احتياطا؛
فإذا بلغن أجلهن ؛ أي: انقضت عدتهن؛
فلا جناح عليكم ؛ أيها الحكام؛ والمسلمون جميعا؛
فيما فعلن في أنفسهن ؛ من التزين؛ والتعرض للخطاب؛ وسائر ما حرم على المعتدة؛
بالمعروف ؛ بالوجه الذي لا ينكره الشرع؛ وفيه إشارة إلى أنهن لو فعلن ما ينكره الشرع فعليهم أن يكفوهن عن ذلك؛ وإلا فعليهم الجناح؛
والله بما تعملون خبير ؛ فلا تعملوا خلاف ما أمرتم به.