ألا تتبعني أفعصيت أمري ألا تتبعني أي : أن تتبعني على أن لا تريده ، وهو مفعول ثان لمنع ، وهو عامل في "إذ" أي : أي شيء منعك حين رؤيتك لضلالهم أن تتبعني في الغضب لله تعالى والمقاتلة مع من كفر به . وقيل : المعنى : ما حملك على أن لا تتبعني ، فإن المنع عن الشيء مستلزم للحمل على مقابله . وقيل : ما منعك أن تلحقني وتخبرني بضلالهم فتكون مفارقتك مزجرة لهم ، وفيه أن نصائح
هارون عليه السلام حيث لم تزجرهم عما كانوا عليه ، فلأن لا تزجرهم مفارقته إياهم عنه أولى والاعتذار بأنهم إذا علموا أنه يلحقه ويخبره بالقصة يخافون رجوع
موسى عليه السلام ، فينـزجروا عن ذلك بمعزل من حيز القبول ، كيف لا وهم قد صرحوا بأنهم عاكفون عليه إلى حين رجوعه عليه السلام .
[ ص: 38 ] أفعصيت أمري أي : بالصلابة في الدين والمحاماة عليه ، فإن قوله له عليهما السلام : "اخلفني" متضمن الأمر بهما حتما ، فإن الخلافة لا تتحقق إلا بمباشرة الخليفة ما كان يباشره المستخلف لو كان حاضرا . والهمزة للإنكار التوبيخي ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام ، أي : ألم تتبعني أو أخالفتني فعصيت أمري .