يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا
وقوله تعالى :
يتخافتون بينهم أي : يخفضون أصواتهم ويخفونها لما يملأ صدورهم من الرعب والهول ، استئناف ببيان ما يأتون وما يذرون حينئذ ، أو حال أخرى من المجرمين ، أي : يقول بعضهم لبعض بطريق المخافتة :
إن لبثتم أي : ما لبثتم في الدنيا
إلا عشرا أي : عشر ليال ، استقصارا لمدة لبثهم فيها لزوالها ، أو استطالتهم مدة الآخرة ، أو لتأسفهم عليها لما عاينوا الشدائد ، وأيقنوا أنهم استحقوها على إضاعتها في قضاء الأوطار واتباع الشهوات ، أو في القمر وهو الأنسب بحالهم ، فإنهم حين يشاهدون البعث الذي كانوا ينكرونه في الدنيا ويعدونه من قبيل المحالات لا يتمالكون من أن يقولوا ذلك اعترافا به وتحقيقا لسرعة وقوعه ، كأنهم قالوا : قد بعثتم وما لبثتم في القبر إلا مدة يسيرة ،
[ ص: 42 ] وإلا فحالهم أفظع من أن تمكنهم من الاشتغال بتذكر أيام النعمة والسرور واستقصارها والتأسف عليها .