فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى فاصبر على ما يقولون أي : إذا كان الأمر على ما ذكر من أن تأخير عذابهم ليس بإهمال بل إمهال ، وأنه لازم لهم البتة . فاصبر على ما يقولون من كلمات الكفر ، فإن علمه عليه السلام بأنهم معذبون لا محالة مما يسليه ويحمله على الصبر .
وسبح ملتبسا
بحمد ربك أي : صل وأنت حامد لربك الذي يبلغك إلى كمالك على هدايته وتوفيقه ، أو نزهه تعالى عما ينسبوه إليه مما لا يليق بشأنه الرفيع ، حامدا له على ما ميزك بالهدى معترفا بأنه مولى النعم كلها ، والأول هو الأظهر المناسب لقوله تعالى :
قبل طلوع الشمس إلخ فإن توقيت التنـزيه غير معهود ، فالمراد : صلاة الفجر .
وقبل غروبها يعني : صلاتي الظهر والعصر ، لأنهما قبل غروبها بعد زوالها ، وجمعها لمناسبة قوله تعالى :
"قبل طلوع الشمس" ، وقبل صلاة العصر .
ومن آناء الليل أي : من ساعاته جمع أنى بالكسر والقصر ، وآناء بالفتح والمد .
فسبح أي : فصل ، والمراد : به المغرب والعشاء ، وتقديم الوقت فيهما لاختصاصهما بمزيد الفضل ، فإن القلب فيهما أجمع ، والنفس إلى الاستراحة أميل ، فتكون العبادة فيهما أشق ، ولذلك قال تعالى :
إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا .
وأطراف النهار تكرير لصلاة الفجر والمغرب إيذانا باختصاصهما بمزيد مزية ، ومجيئه بلفظ الجمع لأمن من الإلباس كقول من قال : ظهراهما مثل ظهور الترسين ، أو أمر بصلاة الظهر فإنه نهاية النصف الأول من النهار وبداية النصف الأخير وجمعه باعتبار النصفين ، أو لأن النهار جنس ، أو أمر بالتطوع في أجزاء النهار .
لعلك ترضى متعلق بـ "سبح" أي : سبح في هذه الأوقات رجاء أن تنال عنده تعالى ما ترضى به نفسك ، وقرئ : "ترضى" على صيغة البناء للمفعول من أرضى ، أي : يرضيك ربك .