وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين وما خلقنا السماء والأرض إشارة إجمالية إلى أن تكوين العالم وإبداع بني
آدم مؤسس على قواعد الحكم البالغة المستتبعة للغايات الجليلة ، وتنبيه على أن ما حكي من العذاب الهائل والعقاب النازل بأهل القرى من مقتضيات تلك الحكم ومتفرعاتها حسب اقتضاء أعمالهم إياه ، وأن للمخاطبين المقتدرين بآثارهم ذنوبا مثل ذنوبهم أي: ما خلقناهما
وما بينهما من المخلوقات التي لا تحصى أجناسها وأفرادها ولا تحصر أنواعها وآحادها على هذا النمط البديع والأسلوب المنيع خالية عن الحكم والمصالح ، وإنما عبر عن ذلك باللعب واللهو حيث قيل :
لاعبين لبيان كمال تنـزهه تعالى عن الخلق الخالي عن الحكمة بتصويره بصورة ما لا يرتاب أحد في استحالة صدوره عنه سبحانه ، بل إنما خلقناهما وما بينهما لتكون مبدأ لوجود الإنسان وسببا لمعاشه ودليلا يقوده إلى تحصيل معرفتنا التي هي الغاية القصوى بواسطة طاعتنا وعبادتنا ، كما ينطق به قوله تعالى :
وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا وقوله تعالى :
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .