ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين ولكل أمة أي : لكل أهل دين
جعلنا منسكا أي : متعبدا وقربانا يتقربون به إلى الله عز وجل . وقرئ بكسر السين ، أي : موضع نسك ، وتقديم الجار والمجرور على الفعل للتخصيص ، أي : لكل أمة من الأمم جعلنا منسكا لا لبعض دون بعض .
ليذكروا اسم الله خاصة دون غيره ويجعلوا نسيكتهم لوجهه الكريم ، علل الجعل به تنبيها على أن المقصود الأصلي من المناسك تذكر المعبود .
على ما رزقهم من بهيمة الأنعام عند ذبحها ، وفيه تنبيه على أن القربان يجب أن يكون من الأنعام .
والخطاب في قوله تعالى :
فإلهكم إله واحد للكل تغليبا ، والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، فإن جعله تعالى لكل أمة من الأمم منسكا مما يدل على وحدانيته تعالى . وإنما قيل : إله واحد ولم يقل : واحد ، لما أن المراد بيان أنه تعالى واحد في ذاته كما أنه واحد في إلهيته للكل . والفاء في قوله تعالى :
فله أسلموا لترتيب ما بعدها من الأمر بالإسلام على وحدانيته تعالى . وتقديم الجار والمجرور على الأمر
[ ص: 107 ] للقصر ، أي : فإذا كان إلهكم إلها واحدا فأخلصوا له التقرب أو الذكر واجعلوه لوجهه خاصة ولا تشوبوه بالشرك .
وبشر المخبتين تجريد للخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : المتواضعين أو المخلصين ، فإن الإخبات من الوظائف الخاصة بهم .