وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما وقوم نوح منصوب بمضمر يدل عليه قوله تعالى :
"فدمرناهم" أي : ودمرنا قوم
نوح ، وقيل : عطف على مفعول "فدمرناهم" وليس من ضرورة ترتيب تدميرهم على ما قبله ترتب تدمير هؤلاء عليه لا سيما وقد بين سببه بقوله تعالى :
لما كذبوا الرسل أي :
نوحا ومن قبله من الرسل ، أو
نوحا وحده لأن تكذيبه تكذيب للكل لاتفاقهم على التوحيد والإسلام ، وقيل : هو منصوب بمضمر يفسره قوله تعالى :
أغرقناهم وإنما يتسنى ذلك على تقدير كون كلمة "لما" ظرف زمان ، وأما على تقدير كونها حرف وجود لوجود فلا لأنه حينئذ جواب لها وجواب "لما" لا يفسر ما قبله مع أنه مخل بعطف المنصوبات الآتية على قوم
نوح لما أن إهلاكهم ليس بالإغراق فالوجه ما تقدم ، وقوله تعالى :
"أغرقناهم" استئناف مبين لكيفية تدميرهم .
وجعلناهم أي : جعلنا إغراقهم أو قصتهم
للناس آية أي : آية عظيمة يعتبر بها كل من شاهدها أو سمعها ، وهي مفعول ثان لجعلنا ، و"للناس" ظرف لقوله ، أو متعلق بمحذوف وقع حالا من "آية" إذ لو تأخر عنها لكان صفة لها .
وأعتدنا للظالمين أي : لهم ، والإظهار في موقع الإضمار للإيذان بتجاوزهم الحد في الكفر والتكذيب .
عذابا أليما هو عذاب الآخرة ; إذ لا فائدة في الإخبار باعتياد العذاب الذي قد أخبر بوقوعه من قبل ، أو لجميع الظالمين الباقين الذين لم يعتبروا بما جرى عليهم من العذاب ، فيدخل في زمرتهم قريش دخولا أوليا ، ويحتمل العذاب الدنيوي الأخروي .