لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا لنحيي به أي : بما أنزلنا من الماء الطهور
بلدة ميتا بإنبات النبات ، والتذكير لأن البلدة بمعنى البلد ، ولأنه غير جار على الفعل كسائر أبنية المبالغة فأجري مجرى الجامد ، والمراد به : القطعة من الأرض عامرة كانت أو غامرة .
ونسقيه أي : ذلك الماء الطهور عند جريانه في الأودية أو اجتماعه في الحياض والمنافع أو الآبار .
مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا أي : أهل البوادي الذين يعيشون بالحيا ولذلك نكر الأنعام والأناسي ، وتخصيصهم بالذكر لأن أهل القرى والأمصار يقيمون بقرب الأنهار والمنابع ، فهم وبما لهم من الأنعام غنية عن سقيا السماء ، وسائر الحيوانات تبعد في طلب الماء فلا يعوزها الشرب غالبا مع أن مساق الآيات الكريمة كما هو للدلالة على عظم القدرة فهو لتعداد أنواع النعمة ، والأنعام حيث كانت قنية للإنسان وعامة منافعهم ومعايشهم منوطة بها قدم سقيها على سقيهم كما قدم عليها إحياء الأرض فإنه سبب لحياتها وتعيشها . وقرئ : "نسقيه" ، وأسقى وسقى لغتان . وقيل : أسقاه : جعل له سقيا . و"أناسي" جمع إنسي ، أو إنسان ، كظرابي في ظربان على أن أصله أناسين فقلبت نونه ياء . وقرئ : أناسي بالتخفيف بحذف ياء أفاعيل كأناعم في أناعيم .