والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما والذين لا يدعون مع الله إلها آخر شروع في بيان اجتنابهم عن المعاصي بعد بيان إتيانهم بالطاعات ، وذكر نفي الإسراف والقتر لتحقيق معنى الاقتصاد ، والتصريح بوصفهم بنفي الإشراك مع ظهور إيمانهم لإظهار كمال الاعتناء بالتوحيد والإخلاص وتهويل أمر القتل والزنا بنظمهما في سلكه ، وللتعريض بما كان عليه الكفرة من قريش وغيرهم ، أي : لا يعبدون معه تعالى إلها آخر .
ولا يقتلون النفس التي حرم الله أي : حرمها بمعنى : حرم قتلها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه مبالغة في التحريم .
إلا بالحق أي : لا يقتلونها بسبب من الأسباب إلا بسبب الحق المزيل لحرمتها وعصمتها ، أو لا يقتلون قتلا ما إلا قتلا ملتبسا بالحق ، أو لا يقتلونها في حال من الأحوال إلا حال كونهم ملتبسين بالحق .
ولا يزنون أي : الذين لا يفعلون شيئا من هذه العظائم القبيحة التي جمعهن الكفرة حيث كانوا مع إشراكهم به سبحانه مداومين على قتل النفوس المحرمة التي من جملتها الموءودة ، مكبين على الزنا لا يرعون عنه أصلا .
ومن يفعل ذلك أي : ما ذكر كما هو دأب الكفرة
[ ص: 230 ] المذكورين
يلق في الآخرة ، وقرئ : "يلق" بالتشديد مجزوما
أثاما وهو جزاء الإثم كالوبال والنكال وزنا ومعنى ، وقيل : هو الإثم ، أي : يلق جزاء الإثم والتنوين على التقديرين للتفخيم . وقرئ : "أياما" أي : شدائد ، يقال : يوم ذو أيام لليوم الصعب .