هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم
وقوله عز وجل:
هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء جملة مستأنفة، ناطقة ببعض أحكام قيوميته تعالى، وجريان أحوال الخلق في أطوار الوجود حسب مشيئته المبنية على الحكم البالغة مقررة لكمال علمه مع زيادة بيان لتعلقه بالأشياء قبل دخولها تحت الوجود ضرورة وجوب علمه تعالى بالصور المختلفة المترتبة على التصوير المترتب على المشيئة قبل تحققها بمراتب، وكلمة في متعلقة بـ "يصوركم" أو بمحذوف وقع حالا من ضمير المفعول، أي: يصوركم وأنتم في الأرحام مضغ. و "كيف" معمول ل يشاء، والجملة في محل النصب على الحالية، إما من فاعل يصوركم، أي: يصوركم كائنا على مشيئته تعالى، أي: مريدا أو من مفعوله، أي: يصوركم كائنين على مشيئته تعالى تابعين لها في قبول الأحوال المتغايرة من كونكم نطفا ثم علقا ثم مضغا غير مخلقة ثم مخلقة، وفي الاتصاف بالصفات المختلفة من الذكورة والأنوثة والحسن والقبح وغير ذلك من الصفات، وفيه من الدلالة على بطلان زعم من زعم ربوبية
عيسى عليه السلام، وهو من جملة أبناء النواسيت المتقلبين في هذه الأطوار على مشيئة الباري عز وجل، وكمال ركاكة عقولهم ما لا يخفى. وقرئ "تصوركم" على صيغة الماضي من التفعل، أي: صوركم لنفسه وعبادته.
لا إله إلا هو إذ لا يتصف بشيء مما ذكر من الشؤون العظيمة الخاصة بالألوهية أحد ليتوهم ألوهيته.
العزيز الحكيم المتناهي في القدرة والحكمة، ولذلك يخلقكم على ما ذكر من النمط البديع.