وأنهم يقولون ما لا يفعلون وأنهم يقولون ما لا يفعلون من الأفاعيل غير مبالين بما يستتبعه من اللوائم فكيف يتوهم أن يتبعهم في مسلكهم ذلك ويلتحق بهم وينتظم في سلكهم من تنـزهت ساحته عن أن يحوم حولها شائبة الاتصاف بشيء من الأمور المذكورة واتصف بمحاسن الصفات الجليلة وتخلق بمكارم الأخلاق الجميلة وحاز جميع الكمالات القدسية وفاز بجملة الملكات الإنسية مستقرا على المنهاج القويم مستمرا على الصراط المستقيم ناطقا بكل أمر رشيد داعيا إلى صراط العزيز الحميد مؤيدا بمعجزات قاهرة وآيات ظاهرة مشحونة بفنون الحكم الباهرة وصنوف المعارف الزاهرة مستقلة بنظم رائق أعجز كل منطيق ماهر وبكت كل مفلق ساحر. هذا وقد قيل في تنـزيهه صلى الله عليه وسلم عن أن يكون من الشعراء أن أتباع الشعراء الغاوون وأتباع
محمد صلى الله عليه وسلم ليسوا كذلك ، ولا ريب في أن تعليل عدم كونه صلى الله عليه وسلم منهم بكون أتباعه صلى الله عليه وسلم غير غاوين مما لا يليق بشأنه العالي . وقيل : الغاوون : الراوون ، وقيل : الشياطين ، وقيل : هم شعراء
قريش :
عبد الله بن الزبعرى ،
وهبيرة بن أبي وهب المخزومي ،
ومسافع بن عبد مناف ،
وأبو عزة الجمحي ، ومن
ثقيف :
أمية بن أبي الصلت ، قالوا : نحن نقول مثل قول
محمد صلى الله عليه وسلم . وقرئ : "والشعراء" بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر . وقرئ : "يتبعهم" على التخفيف ، و"يتبعهم" بسكون العين تشبيها لبعضهم ببعض .