فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين فلما جاءها نودي من جانب الطور
أن بورك معناه : أي بورك على أن "أن" مفسرة لما في النداء من معنى القول ، أو بأن بورك على أنها مصدرية حذف عنها الجار جريا على القاعدة المستمرة . وقيل : مخففة من الثقيلة ، ولا ضير في فقدان التعويض بلا أو قد أو السين أو سوف لما أن الدعاء يخالف غيره في كثير من الأحكام .
من في النار ومن حولها أي : من في مكان النار ، وهي البقعة المباركة المذكورة في قوله سبحانه :
نودي من [ ص: 274 ] شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة ومن حول مكانها . وقرئ : "تباركت الأرض ومن حولها" . والظاهر عمومه لكل من في ذلك الوادي وحواليه من أرض الشام الموسومة بالبركات لكونها مبعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكفاتهم أحياء وأمواتا ، ولا سيما تلك البقعة التي كلم الله تعالى فيها
موسى ، وقيل : المراد :
موسى والملائكة الحاضرون . وتصدير الخطاب بذلك بشارة بأنه قد قضى له أمر عظيم ديني تنتشر بركاته في أقطار الشام وهو تكليمه تعالى إياه عليه الصلاة والسلام واستنباؤه له وإظهار المعجزات على يده عليه الصلاة والسلام .
وسبحان الله رب العالمين تعجيب
لموسى عليه الصلاة والسلام من ذلك وإيذان بأن ذلك مريده ومكونه رب العالمين تنبيها على أن الكائن من جلائل الأمور وعظائم الشئون ومن أحكام تربيته تعالى للعالمين .