إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين إن فرعون علا في الأرض استئناف جار مجرى التفسير للمجمل الموعود، وتصديره بحرف التأكيد للاعتناء بتحقيق مضمون ما بعده، أي: أنه تجبر، وطغا في أرض
مصر ، وجاوز الحدود المعهودة في الظلم والعدوان.
وجعل أهلها شيعا أي: فرقا يشيعونه في كل ما يريده من الشر والفساد، أو يشيع بعضهم بعضا في طاعته، أو أصنافا في استخدامه يستعمل كل صنف في عمل، ويسخره فيه من بناء، وحرث، وحفر، وغير ذلك من الأعمال الشاقة. ومن لم يستعمله ضرب عليه الجزية، أو فرقا مختلفة قد أغرى بينهم العداوة والبغضاء لئلا تتفق كلمتهم.
يستضعف طائفة منهم وهم بنو إسرائيل، والجملة إما حال من فاعل جعل، أو صفة لشيعا، أو استئناف. وقوله تعالى:
يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم بدل منها، وكان ذلك لما أن كاهنا قال له: يولد في بني إسرائيل مولود يذهب ملكك على يده. وما ذاك إلا لغاية حمقه إذ لو صدق فما فائدة القتل، وإن كذب فما وجهه.
إنه كان من المفسدين أي: الراسخين في الإفساد. ولذلك اجترأ على مثل تلك العظيمة
[ ص: 3 ] من قتل المعصومين من أولاد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.