أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون أحسب الناس الحسبان، ونظائره لا يتعلق بمعاني المفردات، بل بمضامين الجمل المفيدة لثبوت شيء لشيء، أو انتفاء شيء عن شيء بحيث يتحصل منها مفعولاه، إما بالفعل كما في عامة المواقع، وإما بنوع تصرف فيها كما في الجمل المصدرة بأن والواقعة صلة للموصول الاسمي أو الحرفي. فإن كلا منها صالحة لأن يسبك منها مفعولاه; لأن قوله تعالى:
أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون . في قوة "أن" يقال أحسبوا أنفسهم متروكين بلا فتنة بمجرد أن يقولوا آمنا، أو أن يقال: أحسبوا تركهم غير مفتونين بقولهم آمنا حاصلا متحققا، والمعنى إنكار الحسبان المذكور، واستبعاده، وتحقيق أنه تعالى يمتحنهم بمشاق التكاليف كالمهاجرة والمجاهدة، ورفض ما تشتهيه النفس، ووظائف الطاعات، وفنون المصائب في الأنفس والأموال; ليتميز المخلص من المنافق، والراسخ في الدين من المتزلزل فيه. ويجازيهم بحسب مراتب أعمالهم فإن مجرد الإيمان، وإن كان عن خلوص لا يقتضي غير الخلاص من الخلود في النار. روي أنها نزلت في ناس من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين جزعوا من أذية المشركين، وقيل: في
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار قد عذب في الله، وقيل: في
مهجع مولى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنهما رماه
عامر بن الحضرمي بسهم يوم
بدر فقتله، فجزع عليه أبواه وامرأته، وهو أول من استشهد يومئذ من المسلمين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"سيد الشهداء مهجع، وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة".