وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون وكذلك تجريد للخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك إشارة إلى مصدر الفعل الذي بعده، وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلة المشار إليه في الفضل، أي: مثل ذلك الإنزال البديع الموافق لإنزال سائر الكتب
أنزلنا إليك الكتاب أي: القرآن الذي من جملته هذه الآية الناطقة بما ذكر من المجادلة بالحسنى.
فالذين آتيناهم الكتاب من الطائفتين
يؤمنون به أريد بهم
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام، وأضرابه من أهل الكتابين خاصة كأن من عداهم لم يؤتوا الكتاب حيث لم يعملوا بما فيه، أو من تقدم عهد رسول الله
[ ص: 43 ] صلى الله عليه وسلم منهم حيث كانوا مصدقين بنزوله حسبما شاهدوا في كتابيهما، وتخصيصهم بإيتاء الكتاب للإيذان بأن من بعدهم من معاصري رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد نزع عنهم الكتاب بالنسخ فلم يؤتوه، و "الفاء" لترتيب ما بعدها على ما قبلها، فإن إيمانهم به مترتب على إنزاله على الوجه المذكور.
ومن هؤلاء أي: ومن
العرب ، أو أهل
مكة على الأول، أو ممن في عصره صلى الله عليه وسلم على الثاني.
من يؤمن به أي: بالقرآن.
وما يجحد بآياتنا عبر عن الكتاب بالآيات للتنبيه على ظهور دلالتها على معانيها، وعلى كونها من عند الله تعالى، وأضيفت إلى نون العظمة لمزيد تفخيمها، وغاية تشنيع من يجحد بها.
إلا الكافرون المتوغلون في الكفر المصممون عليه فإن ذلك يصدهم عن التأمل فيما يؤديهم إلى معرفة حقيتها، وقيل: هم كعب بن الأشرف، وأصحابه.