يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهو ما يشاهدونه من زخارفها، وملاذها، وسائر أحوالها الموافقة لشهواتهم الملائمة لأهوائهم المستدعية لانهماكهم فيها، وعكوفهم عليها، لا تمتعهم بزخارفها، وتنعمهم بملاذها كما قيل. فإنهما ليسا مما علموه منها بل من أفعالهم المترتبة على علومهم، وتنكير ظاهرا للتحقير، والتخسيس
[ ص: 51 ] دون الواحدة كما توهم، أي: يعلمون ظاهرا حقيرا خسيسا من الدنيا.
وهم عن الآخرة التي هي الغاية القصوى، والمطلب الأسنى.
هم غافلون لا يخطرونها بالبال، ولا يدركون من الدنيا ما يؤدي إلى معرفتها من أحوالها، ولا يتفكرون فيها، كما سيأتي. والجملة معطوفة على "يعلمون"، وإيرادها اسمية للدلالة على استمرار غفلتهم ودوامها. و "هم" الثانية تكرير للأولى، أو مبتدأ. و "غافلون" خبره، والجملة خبر للأولى، وهو على الوجهين مناد على تمكن غفلتهم عن الآخرة المحققة لمقتضى الجملة المتقدمة تقريرا لجهالتهم، وتشبيها لهم بالبهائم المقصور إدراكاتها من الدنيا على ظواهرها الخسيسة دون أحوالها التي هي مبادئ العلم بأمور الآخرة، وإشعارا بأن العلم المذكور، وعدم العلم رأسا سيان.