ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون ضرب لكم مثلا يتبين به بطلان الشرك.
من أنفسكم أي: منتزعا من أحوالها التي هي أقرب الأمور إليكم، وأعرفها عندكم، وأظهرها دلالة على ما ذكر من بطلان الشرك لكونها بطريق الأولوية، وقوله تعالى:
هل لكم ... إلخ. تصوير للمثل، أي: هل لكم.
مما ملكت أيمانكم من العبيد والإماء
من شركاء في ما رزقناكم من الأموال، وما يجري مجراها مما تتصرفون فيها فـ "من" الأولى ابتدائية، والثانية تبعيضية، والثالثة مزيدة لتأكيد النفي المستفاد من الاستفهام، فقوله تعالى:
فأنتم فيه سواء تحقيق لمعنى الشركة، وبيان لكونهم، وشركائهم متساوين في التصرف فيما ذكر من غير مزية لهم عليها على أن هناك محذوفا معطوفا على "أنتم" لا أنه عام للفريقين بطريق التغليب، أي: هل ترضون لأنفسكم؟ والحال أن عبيدكم أمثالكم في البشرية، وأحكامها أن يشاركوكم فيما رزقناكم، وهو معار لكم فأنتم وهم فيه سواء يتصرفون فيه كتصرفكم من غير فرق بينكم وبينهم.
تخافونهم خبر آخر لـ "أنتم" أو حال من ضمير الفاعل في سواء، أي: تهابون أن تستبدوا بالتصرف فيه بدون رأيهم.
كخيفتكم أنفسكم أي: خيفة كائنة مثل خيفتكم من الأحرار المساهمين لكم فيما ذكر. والمعنى نفي مضمون ما فصل من الجملة الاستفهامية، أي: لا ترضون بأن يشارككم فيما هو معار لكم مماليككم، وهم أمثالكم في البشرية غير مخلوقين لكم بل لله تعالى. فكيف تشركون به سبحانه في المعبودية التي هي من خصائصه الذاتية مخلوقة، بل مصنوع مخلوقه حيث تصنعونه بأيديكم، ثم تعبدونه؟!
كذلك أي: مثل ذلك التفصيل الواضح.
نفصل الآيات أي: نبينها ونوضحها لا تفصيلا أدنى منه، فإن التمثيل تصوير للمعاني المعقولة بصورة المحسوس، وإبراز لأوابد المدركات على هيئة المأنوس فيكون في غاية الإيضاح والبيان.
لقوم يعقلون أي: يستعملون عقولهم في تدبر الأمور، وتخصيصهم بالذكر مع عموم تفصيل الآيات للكل; لأنهم المنتفعون بها.