ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض رجوع إلى سنن ما سلف قبل قصة
لقمان من خطاب المشركين وتوبيخ لهم على إصرارهم على ما هم عليه مع مشاهدتهم لدلائل التوحيد، والمراد ب "التسخير" إما جعل المسخر بحيث ينفع المسخر له أعم من أن يكون منقادا له يتصرف فيه كيف يشاء، ويستعمله حسبما يريد كعامة ما في الأرض من الأشياء المسخرة للإنسان المستعملة له، من الجماد والحيوان، أو لا يكون كذلك بل يكون سببا لحصول مراده من غير أن يكون له دخل في استعماله كجميع ما في السماوات من الأشياء التي نيطت بها مصالح العباد، معاشا ومعادا، وما جعله منقادا للأمر مذللا على أن معنى "لكم"
[ ص: 74 ] لأجلكم. فإن جميع ما في السماوات والأرض من الكائنات مسخر لله تعالى مستتبعة لمنافع الخلق، وما يستعمله الإنسان حسبما يشاء، وإن كان مسخرا له بحسب الظاهر، فهو في الحقيقة مسخر لله تعالى.
وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة محسوسة ومعقولة، معروفة لكم وغير معروفة، وقد مر شرح النعمة وتفصيلها في الفاتحة. وقرئ: (أصبغ) بالصاد، وهو جار في كل سين قارنت الغين، أو الخاء، أو القاف. كما تقول في سلخ صلخ، وفي سقر صقر، وفي سالغ صالغ. وقرئ: (نعمة)
ومن الناس من يجادل في الله في توحيده وصفاته
بغير علم مستفادة من دليل.
ولا هدى من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم
ولا كتاب منير أنزله الله سبحانه بل بمجرد التقليد.