ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير ذلك إشارة إلى ما تلي من الآيات الكريمة، وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلتها في الفضل، وهو مبتدأ، خبره قوله تعالى:
بأن الله هو الحق أي: بسبب بيان أنه تعالى هو الحق إلهيته فقط، ولأجله لكونها ناطقة بحقية التوحيد.
وأن ما يدعون من دونه الباطل أي: ولأجل بيان بطلان آلهية ما يدعونه من دونه تعالى لكونها شاهدة بذلك شهادة بينة لا ريب فيها، وقرئ: بالتاء. والتصريح بذلك مع أن الدلالة على اختصاص حقية الإلهية به تعالى مستتبعة للدلالة على بطلان إلهية ما عداه; لإبراز كمال الاعتناء بأمر التوحيد، وللإيذان بأن الدلالة على بطلان ما ذكر ليست بطريق الاستتباع فقط بل بطريق الاستقلال أيضا.
وأن الله هو العلي الكبير أي: وبيان أنه تعالى هو المترفع عن كل شيء المتسلط عليه فإن ما في تضاعيف الآيات الكريمة مبين لاختصاص العلو والكبرياء به تعالى، أي: بيان هذا، وقيل ذلك أي: ما ذكر من سعة العلم، وشمول القدرة، وعجائب الصنع، واختصاص الباري تعالى به بسبب أنه الثابت في ذاته الواجب من جميع جهاته، أو الثابت إلهيته، وأنت
[ ص: 77 ] خبير بأن حقيته تعالى وعلوه وكبرياءه، وإن كانت صالحة لمناطية ما ذكر من الأحكام المعدودة لكن بطلان إلهية الأصنام لا دخل له في المناطية قطعا، فلا مساغ لنظمه في سلك الأسباب بل هو تعكيس للأمر ضرورة أن الأحكام المذكورة هي المقتضية لبطلانها لا أن بطلانها يقتضيها.