[ ص: 107 ] هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما هو الذي يصلي عليكم ... إلخ. استئناف جار مجرى التعليل لما قبله من الأمرين فإن صلاته تعالى عليهم مع عدم استحقاقهم لها، وغناه عن العالمين، مما يوجب عليهم المداومة على ما يستوجبه تعالى عليهم من ذكره تعالى وتسبيحه. وقوله تعالى:
وملائكته عطف على المستكن في يصلي لمكان الفصل المغني عن التأكيد بالمنفصل، لكن لا على أن يراد بالصلاة الرحمة أولا، والاستغفار ثانيا. فإن استعمال اللفظ الواحد في معنيين متغايرين مما لا مساغ له، بل على أن يراد بهما معنى مجازي عام يكون كلا المعنيين فردا حقيقيا له، وهو الاعتناء بما فيه خيرهم، وصلاح أمرهم. فإن كلا من الرحمة والاستغفار فرد حقيقي له، أو الترحم والانعطاف المعنوي المأخوذ من الصلاة المشتملة على الانعطاف الصوري الذي هو الركوع والسجود، ولا ريب في أن استغفار الملائكة، ودعاءهم للمؤمنين، ترحم عليهم. وأما أن ذلك سبب للرحمة لكونهم مجابي الدعوة، كما قيل. فاعتباره ينزع إلى الجمع بين المعنيين المتغايرين، فتدبر.
ليخرجكم من الظلمات إلى النور متعلق ب «يصلي» أي: يعتني بأموركم هو وملائكته; ليخرجكم بذلك من ظلمات المعصية إلى نور الطاعة. وقوله تعالى:
وكان بالمؤمنين رحيما اعتراض مقرر لمضمون ما قبله، أي: كان بكافة المؤمنين الذين أنتم من زمرتهم رحيما، ولذلك يفعل بكم ما يفعل من الاعتناء بإصلاحكم بالذات، وبالواسطة، ويهديكم إلى الإيمان والطاعة، أو كان بكم رحيما على أن المؤمنين مظهر وضع موضع المضمر مدحا لهم، وإشعارا بعلة الرحمة، وقوله تعالى: